على وقع التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، بدأ البعض بطرح نظريات عن أن رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ سيدفع ثمنها، الأمر الذي قد يدفعه إلى الإعتذار عن ​تشكيل الحكومة​ في الأيام المقبلة، وهو ما كانت ألمحت إليه بعض القيادات في تيار "المستقبل"، التي ربطتت هذه الخطوة بالتطورات التي يشهدها التأليف.

وفي حين يرى البعض أن هذه النظريات تأتي من باب الضغط على الحريري من أجل دفعه إلى تقديم تنازلات، على قاعدة أن الرياض لم تعد تريده زعيماً في الساحة السنية، بالتزامن مع الحديث عن غضب فرنسي على أدائه، بعد أن باتت تصنفه على أساس أنه من المعرقلين لمسار المبادرة الفرنسية، هناك من يعتبر أن التلويح بالإعتذار هدفه الضغط على الجانب الفرنسي كي لا يذهب بعيداً في إجراءاته، خصوصاً أن مواقف الجانب الروسي، بعد زيارة رئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​، تصب في الإتجاه نفسه.

في هذا الإطار، لدى مصادر سياسية متابعة قراءة مختلفة لمسار الأمور، عنوانها الأساسي أن إعتذار الحريري أو مصيره السياسي مرتبط بالموقف السعودي من التطورات على الساحة السنية تحديداً، وتشير إلى أن هذا الموقف لا يزال غامضاً حتى الساعة، حيث لا يمكن الحديث عن حسم الرياض توجهاتها، لا بل يمكن القول انها تستخدم الساحة اللبنانية كورقة مساومة في المفاوضات التي تجريها مع الجهات الإقليمية الأخرى.

وفي حين تشير هذه المصادر إلى أنه حتى الساعة ليس هناك ما يوحي بأن هناك مصلحة سعودية بخسارة ورقة التأليف، التي هي بيد الحريري، لا تستبعد أن يكون إعتذاره، في حال حصل، مرتبط برغبة في التحضير للإنتخابات النيابية من الموقع المعارض، نظراً إلى أن ذلك سيكون مربحاً له على المستوى الشعبي، لا سيما أن الحكومة المقبلة من المفترض أن تواجه مجموعة واسعة من المحطات الصعبة وغير الشعبية، وبالتالي لا مصلحة له في أن يكون في السلطة في حال لم ينجح في تأمين الغطاء الدولي والإقليمي الكامل.

إنطلاقاً من ذلك، ترى المصادر نفسها أنه من الناحية العملية نجح رئيس الحكومة المكلف، حتى الآن، من خلال تمسكه بورقة التكليف في حجز موقع له في المعادلة، بسبب عدم إمكانية إبرام أي تسوية لا يكون هو جزءاً منها، في المقابل هو لم يذهب إلى أي خطوة من الممكن أن تغضب ​السعودية​.

وتشير المصادر السياسية المتابعة أن إخراج الحريري من المعادلة من المفترض أن ينطلق من ضغوط تفرض عليه، إلا أن ما يخشاه الرجل ليس سحب التكليف منه أو دفعه إلى الاعتذار، بل رفع الغطاء السعودي عنه، لا سيما أن عمر الحكومة العتيدة لن يستمر أكثر من عام، بسبب اقتراب موعد ​الانتخابات النيابية​ المقبلة، فهل يستطيع دخول الانتخابات من دون الغطاء السعودي أو في ظل موقف محايد كما هو الحال اليوم؟.

في هذه الحالة، سيكون وضع رئيس الحكومة المكلف أكثر من صعب، بحسب ما تؤكد هذه المصادر، نظراً إلى أن المنافسة التي يتعرض لها من قبل العديد من الشخصيات، سواء تلك التي تنتمي إلى المدرسة الحريرية أو تلك المعارضة لها، مع العلم أن بعضها بات يمتلك قدرات مالية تفوق تلك التي كان يعتمد عليها.

في المحصلة، تجزم المصادر نفسها بأن مشكلة الحريري لا تتعلق بالتسويات أو التوازنات في المنطقة، وبالتالي مستقبله السياسي يتوقف على ما ستقرره الرياض، مع العلم أنها قد تبقى على موقفها الحالي إلى ما بعد ​الإنتخابات النيابية​، وبالتالي تتعامل مع الزعامة التي ستنتج عنها في الساحة السنية، في حال فشل رئيس الحكومة المكلف في الحفاظ على مكانته.