لفت الوزير السابق ​غسان حاصباني​، بعد زيارته على رأس وفد من تكتّل "​الجمهورية القوية​"، موفدًا من رئيس "حزب القوات ال​لبنان​ية" ​سمير جعجع​، متروبوليت ​بيروت​ للروم الأورثوذكس المطران ​الياس عودة​ في مقر المطرانيّة، لمناسبة عيد القيامة المجيدة لدى الطوائف الّتي تتبع التقويم الشرقي، إلى أنّ "المتروبوليت عودة لطالما مثّل صوت الشعب المتألّم، وكان ولا يزال صوتًا صارخًا في وجه الخطأ والظلم الحاصل بحقّ الإنسان مهما كان مصدره. عُرف باهتمامه ببناء المؤسّسات الإنسانيّة والتربويّة وتطويرها في خدمة الإنسان والحفاظ على ثقافة المجتمع، وها هو اليوم يعيد بناءها من جديد بعد أن دُمّرت في ​انفجار مرفأ بيروت​ الّذي حصد أرواحًا وضحايا، ودمّر العديد من الممتلكات في بيروت".

وأشار إلى أنّ "ما نراه اليوم من ممارسات ينبئ بأيّام داكنة تلوح في الأفق، حيث ينحدر لبنان إلى أقصى درجات الظلمة"، مركّزًا على "أنّنا نواجه جميعنا كلبنانيّين تحدّيات وجوديّة، إلّا إذا حصل تغيير جذري يبدأ بوقف تدهور الحالة الإنسانيّة والاجتماعيّة، ولا ينتهي عند إعادة تكوين سلطة تنتج أفعالًا بدل الأقوال".

وشدّد حاصباني على أنّ "​الشعب اللبناني​ لم يعد يحتمل إخضاعًا للذلّ ولتدمير جنى عمره، فلم تعد البطولات الإعلاميّة المتكرّرة منذ سنوات وسنوات تنطوي على اللبنانيّين، ولا يصدّقها إلّا القليل ممَّن يريدون أن يصدقوا"، مبيّنًا أنّ "الجميع بات يعلم أنّها تهدف إلى حرف الأنظار بالتركيز على أمور جانبيّة، على أهميّتها، لا تعالج إلّا بعض القشور الخفيفة، ولم تعد الهجمات الإعلامية والجيوش الإلكترونيّة تنجح في إقناع الرأي العام والناس أنّ مَن أخطأ بحقهم وفشل في تأمين عيشهم الكريم هو نفسه مَن سينقذهم".

وأكّد أنّ "ما نحتاجه اليوم بالمرحلة الأولى، هو حماية فوريّة للناس من الفقر والجوع وتأمين الدعم للأكثر حاجة مباشرةً، وما أكثرهم اليوم، ومن دون الاستعانة بأموالهم المحجوزة في احتياطي ​المصارف​"، مذكّرًا بأنّ "القوات اللبنانية" كانت قدّمت منذ أكثر من أربعة أشهر، طرحًا متكاملًا لترشيد الدعم وتأمينه مباشرةً للأكثر حاجة عبر البطاقة التمويليّة، وترجمت هذا الطرح باقتراح قانون معجّل مكرّر للبطاقة التمويليّة ولحماية ما تبقّى من مدّخرات الناس في احتياطات المصارف". وركّز على أنّ "هذه الخطوة العمليّة الأولى المطلوبة من ​مجلس النواب​ بأقرب جلسة تشريعيّة".

كما أوضح "أنّنا بحاجة على المدى المنظور إلى تعديل جذري في مقاربة الحكم، انطلاقًا من نوعيّة مَن هُم في السلطة وطبيعة نواياهم وقدراتهم، وإعادة تكوين لهذه السلطة إلى سلطة قادرة بالفعل أن تؤمّن حاجات المجتمع وتلاقي تطلّعات أبناء هذا الوطن".

وفسّر حاصباني "أنّنا بحاجة إلى سلطة قادرة على ضبط حدودها ومنع التهريب واستعمال لبنان كمنصّة للأنشطة غير الشرعيّة، على فرض سيادتها عبر جيشها وقواها الأمنيّة على أراضيها كافّة، سلطة توقف الهدر و​الفساد​ والتسييس في القطاع العام وتفعّل هيئات رقابيّة مستقلّة في الإدارة، وهيئات ناظمة للقطاع الخاص، وقضاء مستقل ومجتمع مدني مشارك، سلطة فعلًا منبثقة من الشعب لخدمة الشعب وليس بهدف الحفاظ على جماعتها في السلطة، سلطة تخرج لبنان من عزلته الدوليّة الّتي تسبّب بها البعض خدمةً لأجنداتهم، وتؤمّن حياده عن نزاعات الآخرين الخارجة عن القرارات العربيّة والدوليّة، سلطة تتعامل بصدقيّة مع ​المجتمع الدولي​ والمنظّمات الماليّة العالميّة لتأمين الدعم للبنان، ضمن خطّة إصلاحيّة متكاملة للقطاع العام و​القطاع المصرفي​ وإدارة رشيدة لأصول الدولة".

ورأى أنّ "كلّ لبناني يعرف أنّ أخطاءً ارتُكبت لم يعد باستطاعة مرتكبيها إخفاءها إلّا عن قلّة قليلة ممّن يريدون أن يعيشوا في الظلمة، أمّا الأغلبيّة فأبصرت النور، ولا بدّ أن تقول كلمتها عندما يحين الوقت"، معربًا عن أمله في أن "تحصل ​الانتخابات​ في أقرب فرصة لأنّ لا بوادر في الأفق لتشكيل حكومة، وإن شُكّلت، من الصعب أن تكون قادرة على التحرّك في ظلّ المقاربة الحاليّة للأكثريّة الحاكمة". ولفت إلى أن "من يعرقل تشكيل حكومة، لن يصعب عليه عرقلة أعمالها فيما بعد، وكلّما تأخّرنا كلّما تأخّرت حلول الأزمة وزادت معاناة الشعب".

وعن موقف "القوّات" من إمكانيّة تنحّي رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​، أفاد بـ"أنّنا من الأساس تمنّينا ألّا يقبل الحريري هذا التكليف، لأنّنا أدركنا منذ البداية ما سيحصل، وأنّ لا نيّة جديّة بتشكيل حكومة إنقاذيّة للبلد، وأنّ لا حلّ إلّا بإعادة تكوين السلطة، وبالتالي أي حكومة ستشكَّل مصيرها الفشل في وقت قريب، لأنّ السلطة الّتي تعرقل ومن يتناحر على هذه الحكومة، لن يتردّد في تعطيلها وتعطيل عملها". وذكر أنّ "لذا، المنطلق الأساس لم يعد ​تشكيل الحكومة​ بل إعادة تكوين السلطة".