على وقع زيارة وزير الخارجية الفرنسي ​جان إيف لودريان​ إلى ​لبنان​ تعالت أصوات تُطالب رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ بالإعتذار عن مهمّته، وسط تأكيد أكثر من مسؤول "مستقبلي" أن خيار الإعتذار بات مطروحاً على الطاولة، وهو ما يُعتبر تطوّراً ملحوظاً في خطاب تيار "المستقبل" الذي كان رئيسه يرفض بشكل مطلق فكرة الإعتذار، فما الذي تحقّقه هذه الخطوة بحال حصلت؟.

يُشير مؤيدون لفكرة اعتذار الحريري إلى أن خطوة كهذه تحرّك الملف الحكومي، لأنّ رئيس الحكومة المكلف أمسك التكليف وغاب، وهو لم يعد يبادر لأجل ​تشكيل الحكومة​ بل كل ما يهدف إليه هو محاولة فرض شروطه وتغيير منهجيّة تشكيل الحكومات، والإستحواز على أكبر عدد ممكن من الوزراء وتسمية الوزراء المسيحيين وتهميش دور رئيس الجمهورية، وبالتالي فإنّ خيار الإعتذار لن يكون أسوأ من واقع الحال الذي نعيشه اليوم.

ويضيف هؤلاء عبر "النشرة": "نحن لا نعيش ترف انتظار الحريري لكي يمنّ على اللبنانيين بالقيام بدوره، كما أننا لا نعيش ظروفاً عادية لكي يُقال أن الإعتذار يُعيدنا إلى الوراء"، مشيرين إلى أن "استمرار حال المراوحة هو ما يشكّل خطراً، وبالتالي قد يكون الإعتذار مدخلاً لكسر الجمود.

بالمقابل تُشير مصادر سياسية إلى أنّ المطالبين باعتذار الحريري تحرّكهم مشاعرهم الرافضة لوجوده في سدّة ​رئاسة الحكومة​ منذ اليوم الأول لتكليفه، وبالتالي هم يعتبرون اعتذاره "استسلاماً" وهزيمة له، بينما في الواقع فإنّ الإعتذار سيُدخلنا دوامة جديدة من الفراغ والفوضى السياسية، إذ لا يوجد أيّ إسم جاهز لتولي مهمة تشكيل الحكومة، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال تكرار تجربة حكومة حسّان دياب التي لم تتمكّن من إحداث أيّ خرق إيجابي في جدار الأزمة اللبنانية.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "لم يعد هناك في ​المجلس النيابي​ أكثرية نيابية واضحة ومتفاهمة قادرة على إيصال رئيس حكومة مكلف، وبكل تأكيد فإن خروج الحريري يعني أن تيار "المستقبل" لن يدعم أي رئيس حكومة مكلف جديد، ومثله رؤساء الحكومات السابقين، وبالتالي قد ننتظر التسويات الإقليمية لتنضج لكي تسمّي لنا رئيس حكومة مكلف جديد".

ترى المصادر السياسية أن اعتذار الحريري إن جاء من خارج سياق اتفاق كامل متكامل على تفاصيل المرحلة المقبلة فإنه سينعكس سلباً على مجمل الوضع العام في البلاد، ما يعني ضياع 6 أشهر ونيّف من عمر لبنان، كان بالإمكان الإستفادة منها في إطلاق عجلة الحلول، مشدّدة على أنه حتى اللحظة لا يوجد أي اتفاق مماثل، وهذا يجعل ضرر الإعتذار أكبر من فوائده.

لا يملك خصوم سعد الحريري أي تصوّر واضح لمرحلة ما بعد الإعتذار، وهم وإن كانوا يؤكدون أن الطائفة السنّية ذاخرة بالطاقات، إلا أنهم لا يملكون إسماً محدّداً جرى التوافق حوله، علماً أن من أبرز الأسباب الخارجية التي تؤخر تشكيل الحكومة، هو عدم قدرة الحريري على تطبيق ما تريده بعض الدول بخصوص ​حزب الله​، فهل هناك أحد غيره يستطيع تنفيذ ذلك؟.

لا حلّ سوى بتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وبدل التلهّي في المعارك السياسية الجانبية لا بدّ من تركيز الجهود على تشكيل الحكومة، وإلا فليكن التوجه نحو تعديل النظام السياسي الذي أثبت فشله في إنتاج الحلول.