أكّدت اللجان العلميّة لكلّ من: جمعيّتَي طب الأطفال في ​بيروت​ و​الشمال​، الجمعيّة ال​لبنان​يّة للعناية المركّزة والإنعاش الطبّي، الجمعيّة اللبنانيّة للأمراض الجرثوميّة، الجمعيّة اللبنانيّة للتخدير والإنعاش ومعالجة الألم، الجمعيّة اللبنانيّة للأمراض الصدريّة، والجمعيّة اللبنانيّة لطبّ الطوارئ، "تضامنها الكامل مع الطفلة إيلا طنوس، الّتي بُترت أطرافها الأربعة بسبب إصابتها بمتلازمة "الصدمة التسمميّة العقديّة المفاجئة - Fulminant streptococcal toxic shock syndrome"، معلنةً "تضامنها الكامل ودعمها للفريق الطبّي الّذي بذل كلّ ما في وسعه لإنقاذ حياتها".

ولفتت في بيان، إلى "أنّنا نجد من الضروري توضيح الحقائق الآتية:

-أوّلًا: كانت الطفلة إيلا طنّوس تبلغ من العمر 9 أشهر عندما أُصيبت بعدوى بكتيريّة شديدة، سبّبتها "المجموعة العقدية أ - Group A Streptococcus"، ممّا أدّى إلى صدمة إنتانيّة مع متلازمة الصدمة التسمميّة

Necrotizing Soft Tissue Infection complicated by Septic Shock/Necrotizing Fasciitis/Toxic Shock Syndrome.

تظهر أعراض هذا المرض بصورة حادّة على مدى ساعات، ويكون الخطر أعلى عند الرضع الّذين تقلّ أعمارهم عن سنة واحدة. يحدث تفاقم سريع بسبب إطلاق السيتوكينات الإلتهابيّة (Cytokines)، الّتي تسبّبها سموم المكورات العقديّة (Streptococcal toxins)، ممّا يؤدّي إلى سمية جهازية (Systemic Toxicity)، وفشل العديد من الأعضاء، وفقدان الأطراف، والوفاة في معظم الأحيان. تصل نسبة الوفيّات بسبب هذا المرض إلى 80% من الحالات، ومن يظلّ على قيد الحياة يتعرّض غالبًا لمضاعفات كبيرة.

-ثانيًا: بالنسبة للرضّع المصابين بالصدمة الإنتانيّة (Septic Shock)، يجب أن يبدأ العلاج بالمضادّات الحيويّة الوريديّة واسعة النطاق (Broad spectrum IV antibiotherapy) في غضون ساعة واحدة من المرض. وتجدر الإشارة إلى أنّ بالرغم من العلاج بالمضادّات الحيويّة المناسبة في مجموعة عدوى المكورات العقديّة من المجموعة أ، يستمرّ تلف الأنسجة الناجم عن السموم. في حالة الصدمة الإنتانيّة المقاومة للسوائل، يجب إعطاء العلاج الفعّال في الأوعية (Vasopressors).

-ثالثًا: يجب نقل الرضّع المصابين بالصدمة الإنتانيّة من المراكز الطبيّة غير المؤهّلة لمعالجة الحالات الحرجة، في الوقت المناسب، إلى مركز آخر لديه الإمكانات اللّازمة. كما ويجب أن يرافق المريض أثناء نقله فريق متخصّص في طبّ الأطفال، ممّا يؤدّي إلى تحسين فرصة بقائه على قيد الحياة وتقليل الآثار الضارّة.

-رابعًا: ليس لدى القضاة في لبنان خلفيّة طبيّة أو أيّ تدريب طبّي، ممّا يجعل قضيّة إيلا أكثر تعقيدًا.

-خامسًا: إنّ اللجنة الطبيّة الّتي حقّقت في قضيّة الطفلة إيلا ينقصها وجود اختصاصي بالعناية المركّزة عند الأطفال، وهو الإختصاص صاحب الرأي الفصل في مثل هذه القضيّة. من الواضح بالنسبة لنا أنّ هناك سوء فهم لمسار الأحداث، الّذي دفع القضاة إلى إصدار الحكم الصادر عن محكمة استئناف بيروت في 5 أيّار 2021.

-سادسًا: إنّ قبول الحكم المذكور أعلاه سيكون له عواقب وخيمة على ممارسة الطب في لبنان:

*سيتحوّل الأطبّاء إلى ممارسة الطبّ الدفاعي المكلف للغاية والأكثر ضررًا، عندها سيطلبون الاختبارات والإجراءات والرعاية الطبيّة الإضافيّة، فقط لتقليل خطر مسؤوليّة سوء الممارسة.

*سيزداد معدّل الوفيّات، لأنّ الأطبّاء سيبتعدون عن إجراء العمليّات الصعبة والحسّاسة للحالات المميتة، وسيرفضون قبول نقل المرضى الّذين يعانون من ظروف حرجة أو معيقة. سوف يلتزمون بالاحياطات في كلّ شيء.

*سيزداد معدّل هجرة الأطبّاء من لبنان.

*سوف يخشى الأطبّاء حدوث مضاعفات.

*قد يبدأ الأطبّاء في عدم إعطاء خيار البتر، مقابل إبقاء المريض على قيد الحياة.

*سوف يمتنع الأطباء في المستقبل عن التخصّص في العناية الفائقة، عندما يجدون أساتذتهم يتعرّضون للمحاكمة كمجرمين ويشهّر بهم بسبب مضاعفات طبيّة.

-سابعًا: يُحظر قانونًا على الأطبّاء إفشاء بيانات المرضى، حتّى في حالة الدفاع عن النفس. إنّ تعامُل وسائل الإعلام مع قضيّة إيلا والدّعاء بأنّ مضاعفات مرضها نُسبت إلى خطأ طبّي قبل استكمال التحقيقات وإصدار الأحكام القضائيّة، هو تزوير للحقيقة وتشهير بالأطباء. هذه جريمة يعاقب عليها القانون".

كما أوصت اللجان العلميّة المذكورة، بـ:

1- إعادة النظر، في ضوء الإيضاحات الوافية المدعمة بالأدلّة وضمن نصّ القانون، في الحكم الّذي يحدّ مضمونه الحالي من الثقة ب​القضاء​، ويلحق ضررًا كبيرًا بممارسة الطبّ في لبنان.

2- اقتراح قانون يمنع الإعلام من التعامل مع قضايا سوء الممارسة الطبيّة، قبل صدور أحكام القضاء.

3- استخدام وسائل النقل المناسبة للحالات الحرجة "خدمات الطوارئ الطبيّة".

4- يجب أن يكون القضاء بمكوّناته كافّة من قضاة ومحامين، مختصّين في قضايا الأخطاء الطبيّة.

5- النظر في دعاوى المخالفات الطبيّة من قِبل المحاكم المدنيّة، وليس الجنائيّة، لأنّه حتّى في حالة حدوث خطأ، فإنّ الطبيب ليس لديه نيّة جرميّة.

6- يقتضي قرار إيقاف أيّ طبيب عن العمل موافقة ​نقابة الأطباء​ اللبنانية، بالتنسيق بين لجنة التحقيق النقابيّة واللجان العلميّة".