سال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة "كم نحن بحاجة إلى من يحب بلدنا وشعبه محبة حقيقية صادقة. كم نحتاج إلى مسؤولين وزعماء مستعدين أن يتخلوا عن أموالهم ومراكزهم وكبريائهم بسبب محبتهم الحقيقية لوطنهم. كم نحتاج إلى زعماء متواضعين مثل الرسول بطرس، يتراجعون عن أخطائهم ويذرفون دموع التوبة على ما فعلوه تجاه إخوتهم في الوطن. والأهم، كم نحتاج إلى شعب يتحلى بجرأة النسوة الحاملات الطيب، يقدم وسط الضغوطات والأحزان والتهديدات، حتى يصل إلى القيامة المرجوة"، مضيفا "إن منطقتنا تغلي وزعماءنا ما زالوا يعلون أناهم ومصالحهم على كل شيء. وعوض التفكير ب​لبنان​ ومصيره في خضم ما يجري من اقتتال هنا ومفاوضات هناك ومحادثات هنالك، هم لا يفكرون إلا بمصالحهم ومستقبلهم ومكتسباتهم، ويتعلقون بحرفية بعض النصوص أو بتفسيرهم الشخصي لها، ضاربين عرض الحائط روحيتها وغايتها".

وسأل خلال قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت، "هل أصبحت ال​سياسة​ تجارة تبتغي الأرباح والمنافع عوض الخدمة؟ معيب حقا ومخجل أن يكون بلدنا في هذا الوضع المزري ولا نشهد خطوة إنقاذية واحدة، أو تلاقيا بين المسؤولين من أجل مناقشة الوضع وابتداع الحلول. نسمع بين وقت وآخر من يتكلم عن محاولة لجمع الأطراف قد فشلت، أو عن سعي لجمعهم لم ينجح. هل هكذا تدار الأوطان؟ وهل الحرد أو المقاطعة مسموحان في ظرف عصيب كالذي نعيشه؟ ​الحكومة​ المستقيلة عاجزة ليس فقط عن إدارة البلد، بل حتى عن وقف الإنهيار أو إدارته، ولم نشهد منذ أشهر إرادة حقيقية ل​تأليف​ حكومة تحاول اتخاذ إجراءات سريعة تضع البلد على طريق الإنقاذ. هل مسموح أن يعادي مسؤول مسؤولا أو أن يمتنع عن الإجتماع به لاتخاذ الخطوات الضرورية؟ هل يعي من يتولون تعطيل البلد وعرقلة الحلول أنهم يرتكبون خطأ مميتا بحق الوطن والمواطنين؟ يقول إشعياء النبي: "أعمالهم أعمال إثم وفعل الظلم في أيديهم. أرجلهم إلى الشر تجري وتسرع إلى سفك الدم الزكي. أفكارهم أفكار إثم. في طرقهم اغتصاب وسحق. طريق ​السلام​ لم يعرفوه وليس في مسالكهم عدل. جعلوا لأنفسهم سبلا معوجة كل من يسير فيها لا يعرف سلاما. من أجل ذلك ابتعد الحق عنا ولم يدركنا ​العدل​. ننتظر نورا فإذا ظلام" (59: 6-9). الأنبياء من الله يستمدون الكلمة وروح الله يحركهم".

وشدد على أن "الحقد والتكبر والغرور ​أسلحة​ الشيطان، يغوي بها ​الإنسان​ للايقاع به،ألا يتألم المسؤول من رؤية طوابير السيارات على المحطات؟ أو من إذلال الناس الواقفين على أبواب البنوك يستجدون حقوقهم؟ ألا يؤلمه مريض يفتش عن ​الدواء​ ولا يجده؟ هل يفكر الزعماء المتناحرون بالمريض والجائع والمتسول طعامه؟ ومن أجل من ولماذا مات من مات وشرد الآلاف ممن كان لهم سقف يأويهم؟ أمام تعاظم الأخطار المالية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية لا بد من تنازلات من قبل المسؤولين. ألم يحن الوقت ليدركوا أن إلغاء الآخر لا يجدي، وأن المطلوب هو تعاون من أجل الإنقاذ، وتحصين البلد من تداعيات الصراعات الخارجية بالتضامن الداخلي والتفاهم من أجل مصلحة لبنان؟. هنا لا بد من التعبير عن حزننا وإدانتنا الشديدة ورفضنا لما يجري في أرض ​فلسطين​ الحزينة من قضم وتهجير وعنف وسفك دماء. سكان ​القدس​ وغزة يقتلون. أهل الأرض يضطهدون من قبل المستوطنين المحتلين. الأبرياء يدفعون ثمن الحقد والجشع والإستقواء. أين الرحمة والعدل؟ دعاؤنا أن يقيم الرب عدله في هذه الأرض المقدسة، مهد ​المسيح​، إله السلام، فلسطين الجريحة، وأن يبسط سلامه فيها وفي منطقتنا و​العالم​ أجمع لينعم شعوب الأرض بالهناء والسلام".