توحي جميع المؤشرات السياسية الحالية على أن ملف ​تشكيل الحكومة​ العتيدة قد تحرك في الأيام الماضية، بعد النتيجة التي خرجت بها جلسة ​المجلس النيابي​ التي ناقشت رسالة ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ حول أزمة التأليف، حيث بات الرهان الفعلي على الدور الذي يقوم به رئيس المجلس النيابي نبيه بري للوصول إلى حل.

من حيث المبدأ، تضع العديد من الأوساط السياسية حداً زمنياً لمعرفة الخيط الأبيض من الأسود، بالنسبة إلى الجولة الجديدة من المشاورات والإتصالات، لا يتعدّى منتصف شهر حزيران المقبل، في حين بات من الواضح أن ليس هناك من جهة دولية تقود أيّ مبادرة جديدة بعد الإنتكاسة التي تعرضت لها الفرنسيّة، حيث ينحصر الحديث بأنّ ​القاهرة​ تدعم من بعيد الجهود التي يقوم بها بري.

ما تقدّم، يدفع مصادر سياسية مطلعة إلى الإشارة، عبر "النشرة"، إلى أن الملف اللبناني هو ان الوقت الراهن بيد الأفرقاء المحليين لإنضاج تسوية ما تقود إلى ولادة الحكومة بعيداً عن الخلافات القائمة بين الأفرقاء المعنيين، لا سيما كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، وتلفت إلى أن الموضوع لا يزال ينتظر عودة الأخير من الخارج لمعرفة المدى الذي من الممكن أن يذهب إليه، خصوصاً أن رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب جبرن ​باسيل​ كان قد فتح الباب أمام التفاهم من خلال كلمته في المجلس النيابي.

وتوضح هذه المصادر أنّ الأجواء الحالية تؤكّد بأن رئيس الحكومة المكلّف لم يعد يمتلك ورقة التأجيل بإنتظار حسم التوجه السعودي على الساحة اللبنانية، نظراً إلى أنّ غالبية الأفرقاء باتوا يطالبون بإنهاء الملف الحكومي بسبب الظروف الإقتصادية والإجتماعية الضاغطة، الأمر الذي يفتح الباب أمام إمكانيّة الحصول على ​مساعدات​ من الخارج تحدّ من سرعة الإنهيار على الأقل، نظراً إلى أن ليس هناك من فريق سياسي قادر على خوض ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة في ظلّ الواقع الراهن.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذا الأمر من المفترض أن يدفع الحريري إلى خيار محدّد بعد عودته إلى لبنان، حيث تنحصر الأمور بين أن يذهب إلى تشكيل حكومة بالإتفاق مع رئيس الجمهورية، مستنداً إلى الدعم المصري الذي يحظى به خصوصاً أنّ القاهرة عادت إلى لعب أكثر من دور على المستوى الإقليمي، أو أن يقرّر الإعتذار عن مهمته لإفساح الطريق أمام شخصية أخرى، وتضيف: "هنا سيكون رئيس الحكومة المكلّف بين خيارين: التعاون مع باقي الأفرقاء في التسمية، أو التفرّج والسعي إلى العرقلة".

وفي حين لا تزال المصادر السياسية المطلعة ترجّح أن يذهب الحريري إلى تشكيل الحكومة، بسبب حاجته إلى أن يكون في موقع ​رئاسة الحكومة​ في الأشهر المقبلة، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن ما يحصل قد يكون بمثابة الفرصة الأخيرة، نظراً إلى أن الجهود الخارجية باتت في مكان آخر في ظلّ تداخل العديد من الملفات الإقليمية والدولية المهمة، وتضيف: "أغلب القوى الدولية الفاعلة على الساحة اللبنانية باتت تنظر إلى لبنان من العين الأمنيّة بشكل أساسي".

وتوضح هذه المصادر إلى أن غالبية الإتصالات الدولية، بعد اليأس من الواقع السياسي في الفترة الماضية، باتت تطرح سؤالاً محدداً حول كيفية دعم المؤسسات الأمنية والعسكرية للحفاظ على الإستقرار المحلي، خصوصاً مع التوجه إلى رفع أو ترشيد الدعم، مع ما يحمله ذلك من إحتمال عودة التحركات الشعبية على نطاق واسع، من دون تجاهل إحتمال زيادة التوترات السياسية، وتلمح إلى المواقف التي صدرت عن الجانب الفرنسي، خلال زيارة قائد الجيش ​العماد جوزاف عون​ إلى ​باريس​، بالإضافة إلى أخرى صدرت عن الجانب الأميركي.

في المحصّلة، تؤكد المصادر نفسها تراجع الإهتمام الخارجي بالملف الحكومي مقابل تقدم الإتّصالات المحلّية، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام الوصول إلى حلّ في وقت قريب، لكنها لا تستبعد أن تعود الأمور إلى نقطة الصفر، خصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الترويج لأجواء إيجابية.