تتضارب الأجواء الحكومية بين ساعة وأخرى، نتيجة التبدل في المواقف والمعطيات التي تقدم أو تسرب من قبل الأفرقاء المعنيين بملف التشكيل، لكن الأكيد ليس هناك من توجه محسوم حتى الآن، لا بل أكثر المتفائلين يرجح نجاح مبادرة رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ بنسبة 50%، مع ترجيح النسبة نفسها لإحتمال فشلها.

أساس هذه النظرة يكمن بأن الجميع يدرك أن مصدر العقدة الحكومية خارجي بالدرجة الأولى، وهو لا يكمن بتدخل من قبل هذه الجهة الإقليمية أو الدولية أو تلك، بل في تجاهل معظم الجهات الملف ال​لبنان​ي، بالنظر إلى الإنشغال في ملفات أكثر أهمية، في حين أن الجانب الوحيد الذي كان يبدي حماسة، أيّ باريس، سحبت نفسها من الملف نتيجة العقبات التي اصطدمت بها.

إنطلاقاً من ذلك، تطرح مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، الكثير من الأسئلة حول ما يمكن أن يكون في جعبة بري أكثر من الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​، الذي فشل بكل الجهود التي بذلها، على مدى أشهر، في الوصول إلى تشكيل حكومة، مع العلم أن ماكرون سعى إلى ترتيب الأجواء الدولية والإقليمية الداعمة، بالتزامن مع الضغوط التي عمل على فرضها على الأفرقاء المحليين.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن الرئيس الفرنسي كان يملك ورقة أساسية تكمن بالدعوة إلى مؤتمر دولي من أجل تأمين مساعدات عاجلة للبنان، الأمر الذي لا يمكن أن يوفره الأفرقاء في الداخل، وتشير إلى أن هذه مشكلة أساسية يتجاهلها الكثيرون، نظراً إلى أن البلاد بحاجة إلى دخول أموال من الخارج للتخفيف من حدة الأزمتين المالية والإقتصادية.

في السياق نفسه، توضح هذه المصادر إلى أن رئيس المجلس النيابي يعتبر، بشكل أو بآخر، فريقاً في الأزمة الحكومية، حيث أنه كان على مدى الأشهر الماضية أقرب إلى رئيس الحكومة المكلّف من ​رئيس الجمهورية​، بالرغم من المساعي التي بذلها مؤخراً لإنجاز التشكيلة من خلال التموضع في موقع الوسيط المسهّل، بالتعاون مع "​حزب الله​"، لا سيما بعد الجلسة النيابية التي ناقشت رسالة رئيس الجمهورية.

بناء على ما تقدم، لدى المصادر السياسية المطّلعة قناعة بأن نجاح مبادرة بري لا يمكن أن يتم من دون توفّر الدعم الخارجي، بناء على التطورات التي تحصل على مستوى الإقليم من مشاورات وإتصالات على أكثر من جهّة، أبرزها قد يكون المفاوضات التي تحصل في فيينا حول الإتفاق ​النووي الإيراني​، الأمر الذي قد يؤخّر ولادة الحكومة بعض الوقت، نظراً إلى أن تلك المفاوضات، رغم أنّها تسير على وقع إيجابي، لم تقُد إلى أي نتئاج حاسمة.

على هذا الصعيد، تعتبر المصادر نفسها أن تجاوز الأفرقاء المحليين هذه المعطيات يتطلب تضحيات كبيرة قد لا تكون ممكنة في الوقت الراهن، كمثل تجاهل رئيس الحكومة المكلف الموقف السعودي من خلال الذهاب إلى ​تشكيل الحكومة​ من دون إنتظار الضوء الأخضر من ​الرياض​، أو تقديم رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​ تضحيات كبيرة على مستوى تسمية الوزراء المسيحيين، الأمر الذي تؤكد أنّه لا يمكن أن يحصل بسهولة.

في المحصّلة، ترى هذه المصادر أنّ نجاح الجهود المحلّية في إبرام تسوية بين الأفرقاء المعنيين يقود إلى ولادة الحكومة يحتاج إلى ما يشبه المعجزة، الأمر الذي يدفعها إلى التشكيك في الأجواء الإيجابيّة التي تعمّم، خصوصاً أن الكثير من الأسئلة تطرح حول إمكانية أن تكون هذه الحكومة منتجة في ظل الوقائع المعروفة.