فجأة تحوّلت ​الكتل النيابية​ إلى مجموعة من القدّيسين الذين يفضّلون ترك المناصب والكراسي لأجل مصلحة لبنان، بعد أن كانوا من المتمسكين سابقاً برفض الإنتخابات النّيابية المبكرة، ولكن لا يجوز سماع هذه المواقف وتصديقها، خاصة أنّ السياسة في لبنان لم ولن تكون بعيدة عن المصالح الحزبية والشخصية.

قبل الغوص في تفاصيل التهديد بالإستقالة من ​المجلس النيابي​، سواء لنواب ​التيار الوطني الحر​ أو نواب ​تيار المستقبل​، لا بدّ من الحديث عن الأجواء الحكوميّة التي شهدت في الساعات الماضية موجات تفاؤل وتشاؤم، إذ تُشير مصادر مطّلعة على أن الحلول لكل العقبات الحكومية باتت متاحة ومعروفة ومقبولة، ولم يعد هناك سوى التزام المعنيين الأساسيين بها، أي رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، ورئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​.

لا تنفي المصادر وجود تشكيلة حكوميّة مقترحة من الحريري يتمّ التداول بشأنها بين كل القوى المعنيّة، ولكنها بالوقت نفسه سئمت من الحديث عن تفاؤل وإيجابيات، كونها ليست المرة الأولى التي تصل بها الأمور إلى هذه النقطة المتقدمة، لذلك يمكن القول هذه المرة أن الشرط الوحيد ل​تشكيل الحكومة​ هو "صدق النوايا".

بالمقابل، بات الحديث عن استقالات نيابية للكتل "المتناحرة" ملازماً لكل موقف سياسي، فهل فعلاً تملك هذه الكتل جرأة الإستقالة؟.

تستغرب المصادر كل الحديث عن استقالات نيابية، مشيرة إلى أن الكتلة الصادقة الوحيدة في هذا الخصوص هي كتلة "​الجمهورية القوية​"، وهذه الكتلة تملك الموقف الأوضح إذ أنها جاهزة للإستقالة بعد تقديم الإستقالات لا قبلها.

وتضيف عبر "النشرة": "كيف نصدق أن الفريق الذي يعرقل حصول ​الإنتخابات النيابية​ الفرعية يريد التوجه نحو انتخابات نيابية مبكرة، وكيف نصدق أن تيار المستقبل الذي يعاني من أزمات مادّية وسياسية في الداخل والخارج يريد التوجه لانتخابات نيابية مبكرة، والأهم من قال أن الفريق الشيعي بدّل موقفه الرافض لإجراء انتخابات نيابية مبكرة على اعتبار أن هذا الخيار يعني نجاح الضغوطات الخارجية "بتشليحه" الأكثرية النيابية"؟.

لا تقف المصادر عند هذا الحد، فتسأل ماذا عن القانون الإنتخابي، هل سيبقى على حاله أم أنه سيخضع لتغييرات تطال الصوت التفضيلي، خاصة أن الوصول إلى قانون جديد في هذه المرحلة أصعب بكثير من تشكيل الحكومة، ويكاد يكون مستحيلاً، وماذا عن الحكومة المستقيلة حالياً، هل سيُقبل بها لإدارة الإنتخابات وهي المحسوبة على فريق رئيس الجمهورية؟.

هنا تكشف المصادر أن الفريق المعارض لا يرغب بحكومة دياب حكماً في الإنتخابات، ومن غير المستبعد طلب رقابة دولية وربما إدارة دولية للإنتخابات المقبلة، وهذا الرأي يتعزز عند ملاحظة الإهتمام الدولي الكبير بالإنتخابات المقبلة.

تخلص المصادر للقول بأن من يريد الإستقالة من المجلس النيابي لإعادة إنتاج السلطة في لبنان لا يربط هذا الامر بأي ملفّ آخر، بل يقوم بهذه الخطوة التي يمكن القول أنها باتت ضرورية بعد "الجمود" القاتل الذي نعيشه في لبنان، مشيرة إلى أن الإنتخابات المبكرة غير واردة، والسؤال الأساسي يجب أن يكون حول حصول الإنتخابات بوقتها؟!.