أوضح رئيس ​مجلس شورى الدولة​ القاضي فادي الياس، أن "الاجتماع الذي حصل في ​القصر الجمهوري​، كان على وقع ما جرى من احداث في الشارع، تلت صدور قرار مجلس شورى الدولة الذي قضى بوقف تنفيذ تعميم ​مصرف لبنان​ رقم 151. فالدولة شخص معنوي هي مصدر انشاء وتفعيل المرافق العامة على اختلافها، وهي تقوم بمهامها مستهدفة توخي المصلحة العامة. اذ ان اشخاص القانون العام تحكمها قواعد عامة مشتركة وهي في حاجة الى استمرارية التعامل مع بعضها، في سبيل تسيير أمور الدولة، من دون اهمال الرقابة التي يجريها ​القضاء​ الاداري على عمل الادارة العامة".

وأسف الياس في بيان "للحملات الممنهجة في ​وسائل الاعلام​ التي استهدفته وتطاولت على كرامته وعلى مناقبيته، في مزايدة غير مبررة على استقلالية القضاء وحياد القاضي وتجرده بما اعتبرته جلوس القاضي مع احد الخصوم، وأضاف: "ان من انبرى في اطلاق هذه المواقف، لا يعرف خصوصية القضاء الاداري، والاختلاف بين القواعد التي تنتظم اجراءات التقاضي بين كل من جهتي القضاء الاداري والعدلي، وبخاصة ما يتعلق منها بدعوى الابطال لتجاوز حد السلطة".

وأوضح أن "الدعوى المقدمة امام مجلس شورى الدولة، الرامية الى وقف تنفيذ ومن ثم ابطال تعميم 151 لمخالفته القانون في وجه عام، لا تهدف الى حماية حقوق او مصالح شخصية بحد ذاتها، وبالتالي فهي تتصف بالصفة الموضوعية وليست الشخصية او الذاتية، والغاية منها حماية الشرعية التي تفرض على الادارة عند اصدار قراراتها ان تراعي قواعد القانون، كما وان تراعي الغرض الذي توخاه القانون من اصدار القرار وهو تحقيق الصالح العام فلا تنحرف عنه او تسيء اليه".

وتابع: "لذا، تعتبر دعوى الابطال موجهة ضد تصرف الادارة مصدرة القرار غير المشروع وليس ضد شخص معين وتحديدا شخص مصدر القرار، كون العبرة هي للقرار المطعون فيه وليس للشخص الذي أصدره، فهي لا تقوم على نزاع بين خصوم باعتبار ان المختصم فيها هو القرار الاداري لا الشخص المسؤول في الادارة التي اصدرت هذا القرار، فهذه الاستقلالية لا تمنع التواصل والتعاون بين المجلس وباقي أشخاص القانون العام ضمن الاطر والحدود التي رسمها القانون لتسيير عمل الدولة، ولا يخفى عن البال ان المجلس يؤدي دورا استشاريا استنادا الى المادة 57 من نظامه التي توجب استشارته في مشاريع النصوص التنظيمية".

وأوضح الياس انه خلال اجتماع ​بعبدا​ "عرض رئيس المجلس خلال الاجتماع ان التعميم الصادر عن مصرف لبنان يتعارض مع بعض أحكام قانون النقد والتسليف، ما استوجب اصدار قرار بوقف تنفيذه. كما وأوضح ان المادة 57 من نظام مجلس شورى الدولة، توجب استشارة المجلس في مشاريع النصوص التنظيمية ومنها القرارات الصادرة عن حاكم مصرف لبنان".

وتابع: "أما بالنسبة إلى تنفيذ القرارات القضائية الصادرة عن المجلس، فقد أوضح رئيس المجلس ان ثمة أصولا خاصة حددها القانون في المادة 126 من نظام مجلس شورى الدولة توجب ان تقدم طلبات تنفيذ القرارات الصادرة بحق السلطة الادارية الى رئيس مجلس شورى الدولة الذي يحيلها من دون إبطاء مع النسخة الصالحة للتنفيذ الى المراجع المختصة لإجراء المقتضى. مع التأكيد على ان ما اوضحه رئيس المجلس كان مستندا الى النصوص القانونية المذكورة وانتهى عند هذا الحد".

وأكد الياس انه "خلافا لما جرى تداوله في بعض الاوساط لم يتم اجراء اي اتفاق بين مجلس شورى الدولة ومصرف لبنان في شأن القرار الصادر عنه، وان كل ما اثير في هذا الشأن من اقاويل هو من نسج خيال مطلقيها وبعيد كل البعد عن الواقع والحقيقة وعن امكان تحققه قانونا في ظل وجود هيئة حاكمة مؤلفة من ثلاثة قضاة، لا يمكن، في أي شكل تصور ان يختزلهم الرئيس في شخصه، ولا شك ان ما ضجت به البلاد في هذا الموضوع استهدف النيل من هيبة القضاء وثقة الناس به، وجر البلاد الى العبثية والفوضى والانحلال".