مع دخولنا فصل الصيف، وككل عام، يستغل معظم الناس، نساء وفتيات وشباب حتى، هذا الموسم، لإظهار مفاتنهم من دون حياء، ولا حسيب أو رقيب. وللأسف لا يميّزون بين أماكن العبادة، أو ملاهي السهر، أو ارتياد البحر. بالنسبه لهم المهم أن يرتدوا ثيابًا، أقل ما يقال فيها، قليلة الحشمة والحياء.

قد يلاحظ الكاهن قلّة الاحتشام لدى كثير من النساء والفتيات عند دخولهن الكنيسة. فبعضنا ينبّه ويوبّخ علانية، والبعض الآخر يكلّف أحد المعاونين في الخدمة، بتوجيه ملاحظة لهنّ من دون إحراج، وقد تقصّدنا تنبيه الناس إلى الاحتشام قبل دخولهن الكنيسة، منعًا لأي إحراج.

السؤال المطروح على ضمير السيدات، ألا يشعرن بالخجل في دخولهن أماكن العبادة دون حشمة وإحترام. وقد نبّه الآباء منذ القدم حول هذا الموضوع، فانتقد القديس يوحنا الذهبي الفمّ هذا الأمر وتوجّه لهن بالقول: "لعلك تأتين إلى مرقص؟ أو حفلات خليعة؟... إنك تأتين إلى ​الصلاة​ لتطلبين المغفرة عن خطاياكِ... وتتوسلين إلى الرب، وتترجين فيه أن يجيب عليك بسماحة! لماذا تتزينين؟ إنها ليست ملابس تليق بمن يتوسل"!.

فكما أن الرجال بدخولهم الكنيسة عليهم أن يتمثلوا بالمسيح، في الطهارة ونقاوة القلب وضبط الحواس والاحتشام، فإنه يلزم ب​المرأة​ أن تهتم في عبادتها بالزينة الداخلية لتفرح قلب عريسها السماوي. ويقول الرسول بولس في هذا السياق: "وكذلك أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقّل، لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ كثيرة الثمن، بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة"(1 تي 2: 9). أيّ يحملن ورع الله وسماته في داخلهن. وما يصحّ في المرأة ينطبق على ​الشباب​ والرجال، الذين بات مظهر بعضهم لا يمتُّ إلى الأخلاق والحشمة والرجولة والترتيب بشيء.

الفضيلة، عزيزي القارئ، هي قبول زينة القلب الداخلي خلال ​الحياة​ بالورع والتعقّل! فضيلة ​الإنسان​ أن يلبس ​السيد المسيح​ بكونه "سرّ بهاء النفس بكل عواطفها وأحاسيسها والعقل بكل طاقاته".

الكنيسة المسيحية قد رفعت من شأن المرأة، وأعطتها الكثير من الحقوق، فلا يجوز إستغلال هذه الحقوق لعرض المفاتن والتباهي ولفت الأنظار. ويا للأسف إن بعض الأمّهات يتقصّدن إلباس بناتهنّ اليافعات لباسًا فاضحًا، بحجة أن يعتدنَ على هذا النمط، ويبرّرن ذلك بالقول: "حتى ما يطلعوا معقدّين" ناسين أن الحشمة حكمة.

فلنتذكر أن للنساء دورًا أساسيًّا في البشارة، هذا كان منذ زمن المسيح، وما زال مستمرًا. لم تجحف الكنيسة المسيحية منذ انطلاقها بحق المرأة، فلماذا إذًا لا تكون قدوة في التعليم، وتكون المثل والمثال؟ ابتداءً من الحشمة وانتهاءً في التوجيه والإرشاد.

يخطر على ذهني سؤالٌ، في كل مرة أدخل منزلًا، أو مكانًا عامًا، أو أتواجد في مناسبة اجتماعية: هل الفتاة أم المرأة بإرتدائها ثيابًا فاضحة، تجذب الأنظار إليها أكثر؟ وهنا أتوجه إلى بناتنا وأقول لهن: تذكّرن أنكن لبستن المسيح في المعمودية، وأن أجسادكن هيكلا للروح القدس، فحاشا لكنّ أن تدنّسن أجسادكن، وتجعلوها سلعة رخيصة ومباحة للإختلاس من عيون تنتهك عفّتها وتخدش عذريتها. "انَّكُمْ جَمِيعًا أَبْنَاءُ ٱللهِ بِٱلْإِيمَانِ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ. لِأَنَّ كُلَّكُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَمَدْتُمْ بِٱلْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ ٱلْمَسِيحَ"(غَلَاطِيَّةَ ٣: ٢٦-٢٧).

لا تظن حواء أنه بالثياب الفاضحة تصطاد الرجال وتجذب الأنظار. فالأجساد إلى التراب، والحسن والبهاء هو في روحها. لذلك عندما يقرّر معظم الرجال بالإرتباط يبحثن، بالإجمال، عن المحتشمات. ولتتذكر النساء ما قاله الإنجيلي يوحنا: اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ"(إنجيل يوحنا 6: 63).

ليست هذه الأسطر دلالة على عقدة شخصية، إنما كلمات نابعة من محبتنا وإحترامنا لكل النساء والفتيات، فلكل مقام مقال، بمعنى أنه لكل مكان لباسه الخاص. وفي الخلاصة، اللباس المحتشم والأنيق، والذي يحمل ذوقًا وفنًا رفيعًا، يجذب الأنظار لتقدير وإحترام مَن ترتديه، أكثر من تلك التي بالكاد تستر نفسها بلباس فاضحٍ، لأن المَلبس يدل على النفوس. فاسعوا يا سيدات لإرضاء الله، لا لإرضاء غرائز الناس، حتى لا تتحولن إلى سلع تشترى وتباع.