التأم ​سينودس​ أساقفة ​الكنيسة المارونية​ في دورته السنوية العادية من 9 الى 19 حزيران 2021 في الكرسي البطريركي في بكركي بدعوة من صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​، وحضور أصحاب السيادة المطارنة الوافدين من أبرشيات لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار، وتدارس المجتمعون شؤونًا كنسية وراعوية واجتماعية ووطنية وناقشوها بروح الأخوّة والإحترام والمشاركة والانفتاح، واتخذوا التدابير الكنسية المناسبة.

ففي الشأن الكنسي، "إطّلع الآباء على أعمال اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية التي قدّم رئيسها تقريرًا عنها، وعالجوا إشكالية التوفيق بين التقليد والتحديث، وبين التراث والتأوين"، كما "اطّلع الآباء على تقارير المدارس الاكليريكية المولجة تنشئة كهنة الغد" وتوقفوا عند "التحديات المستقبلية المتجلية في إغناء فريق الكهنة المنشئين، والانفتاح على واقع الشبيبة ولا سيما من الناحية الإنسانية والنفسية والاجتماعية والروحية، والتشديد على برامج التنشئة لتتلاءم مع حاجات الكنيسة في انتشارها العالمي، والتعمق في الروحانية المارونية والليتورجيا واللغة السريانية المارونية، وتشجيع الكهنة على التخصص في المجالات التي تتناسب وحاجات الكنيسة".

اما في الشؤون القانونية وخدمة العدالة، استمع الآباء إلى تقارير خدمة العدالة في المحاكم الكنسية، وقدّر الأباء "الجهود التي يقوم بها القيّمون على المحاكم لناحية تطوير سير العمل فيها".

وفي الشأن الرعوي، استعرض الآباء أوضاع الأبرشيات في لبنان وبلدان النطاق البطريركي، وتوقّفوا عند الحاجات المتزايدة التي يواجهها أبناؤهم وبناتهم في ظل الوضع المتدهور الذي يعرفه لبنان وسوريا، وقدّر الآباء ما يقوم به مطارنة هذه الأبرشيات من جهود جبّارة بالتعاون مع كهنة الرعايا والعلمانيين والجمعيات الكنسية والمدنية في سبيل تأمين المساعدات الإنسانية والاجتماعية لتثبيت أبنائهم في أرضهم وتشجيعهم على استعادة الثقة في أوطانهم. وتداول الآباء كذلك في أوضاع أبرشيات الانتشار وحاجات بعضها، وتوقفوا عند ظاهرة تزايد عدد الموارنة الوافدين من لبنان وبلدان الشرق الأوسط، وطالبوا لأبنائهم المنتشرين الاعتراف بالدور الملقى على عاتقهم والحصول على حقوقهم المدنية كاملةً.

وفي الشأن الاجتماعي وخدمة المحبة، تداول الآباء في الحالة المعيشية المتدهوة التي وصل إليها أبناؤهم وبناتهم، والتي أدّت إلى انقطاع الغذاء والدواء والمحروقات وحليب الأطفال، وأكدوا أنهم يجددون وقوفهم إلى جانبهم وتقديم كلّ المساعدات الممكنة عبر مؤسساتهم الكنسية المختصة من بطريركيّة وأبرشية ورهبانية. وعبّر الآباء من جديد عن تضامنهم مع إخوتهم أبناء بيروت وجميع اللبنانيين، وبخاصة المتضررين منهم والمتألمين والمجروحين والمشرّدين، وعن قربهم منهم ومحبتهم لهم. وأعربوا عن شكرهم للدول الصديقة، والمنظمات العالمية الكنسية والمدنية، على تبرعاتها السخية لمساندة كنائس الشرق.

واستنكر الأباء تقصير مؤسّسات الدولة المعنيّة في التعامل مع تداعيات انفجار مرفأ بيروت الإجرامي، وقد مرّ عليه أكثر من عشرة أشهر، أولاً من حيث التباطؤ في التحقيق وكشف الأسباب والفاعلين الحقيقيين الذين هم وراء هذه الفاجعة ومحاكمتهم. وثانياً من حيث التعويض على عائلات الشهداء والمصابين والمنكوبين بما يحق لهم. وتداول الآباء في وضع المدارس الخاصة، ولا سيما الكاثوليكية منها، التي تعاني من تقصير الدولة والأزمات المتفاقمة ومن عدم القدرة على دفع المستحقات للهيئات التعليمية والموظفين، ومن صعوبة الأهل في تسديد الأقساط المدرسية، ومن تدنّي قيمة العملة الوطنية. وجدّد الآباء مطالبتهم الملحّة الدولة بتسديد مستحقات المدارس، ولاسيما المجانية منها والمستشفيات والمؤسّسات الإجتماعيّة، في أسرع وقت ممكن.

وفي الشأن الوطني، أيد الآباء موقف البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في تحرّكه الوطني الهادف إلى إنقاذ لبنان بعد تعثّر التوافق السياسي وعجز المسؤولين عن تأليف حكومة إنقاذية تعالج الفساد وتقوم بالاصلاحات المطلوبة، وانسداد الأفق أمام إيجاد مخرج للأزمات المتراكمة والانهيار الحاصل، وذلك عبر الدعوة إلى إعلان حياد لبنان تحييدًا ناشطًا، قناعةً منهم بأن حياد لبنان هو ضمان وحدته وتموضعه التاريخي في هذه المرحلة المليئة بالمتغيرات الجغرافية وضمانة دوره في استقرار المنطقة لاسيما أن الحياد يتماشى مع الدستور والميثاق الوطني ويؤمن الاستقرار والازدهار، وإلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لأنها هي المخوّلة بحكم تأسيسها وقوانينها، الدفاع عن الشعوب المظلومة والمغلوب على أمرها، وتطبيق القرارات الدولية المتخذة والتي لم تُطبق حتى الآن.

وتقدم الآباء بعاطفة الشكر والامتنان إلى قداسة البابا فرنسيس الذي يحمل همّ لبنان والحفاظ على هوّيته على الدعوة التي وجّهها إلى رؤساء الكنائس في لبنان إلى لقاء يعقد في الفاتيكان في الأول من تموز المقبل تجت عنوان: « لقاء تفكير وصلاة من أجل لبنان ».

وفي الختام توجّه الآباء إلى أبنائهم بعاطفة الأبوّة داعين إيّاهم إلى تعزيز التعاون فيما بينهم بروح الخدمة لبعضنا البعض، ودعوا إلى تكثيف الصلوات فيما يرافقون قداسة البابا فرنسيس ورؤساءهم الكنسيّين في الأوّل من تمّوز المقبل في لقاء الصلاة من أجل لبنان، وإلى الإبتهال إلى الله بشفاعة العذراء مريم سيّدة لبنان وجميع قدّيسينا من أجل هداية المسؤولين في العالم للعمل على إيقاف الحروب وإحلال السلام العادل والشامل ونشر الأخوّة الإنسانيّة.