لم يكن ينقص نكبة ​المستشفيات​ اللبنانيّة التي باتت تفتقر الى أدنى مقومات استمراريّة عملها للقيام بواجباتها تجاه المرضى سوى مشكلة أجور العاملين فيها، حيث باتت بعض ​المصارف​ تمتنع عن دفع الرواتب الموطّنة لديها، الا اذا تقاضت من المستشفيات نقدا، مما دفع ​نقابة المستشفيات​ لرفع الصوت طالبة النجدة من المصرف المركزي" وهي تلوح بالمعاملة بالمثل مع موظفي البنوك".

هل يحق للمصارف ان تتصرف بهذه الطريقة؟ من هي الجهة الصالحة للبتّ في هذه المسألة؟ وما هي تداعياتها على موظفّي المستشفيات الذين باتوا في وضع اجتماعي لا يحسدون عليه مثل كل اللبنانيين.

نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون شرح عبر "النشرة" ان خطورة هذا الموضوع هو بقاء موظفي المستشفيات من دون رواتب وهو أمر مستهجن وخطير غير مقبول أطلاقا!.

وقال ان المستشفيات ليس لديها قيمة الاجور نقدا وهي لا تقبض نقدا، بل تحويلات من وزارة المالية والضمان وشركات ​التأمين​ وسائر الجهات الضامنة، فلو كانت لدينا ​الاموال​ فلماذا نوطّن في المصارف؟ فلا حاجة بنا اليها. وأكد ان البنوك لا يحق لها الامتناع عن دفع الرواتب،مشيرا الىامهالهاللعودة عن هذا التصرف، ملوّحا بالتهديد عبر المعاملة بالمثل مع موظفي البنوك،فلا تقبل منهم الا الدفع المباشر لا عبر تحويلات ​الضمان الاجتماعي​ ولا شركات التأمين ولا غيره،متسائلا الا يكفي ان المصارف كانت تعطي ​الموظفين​ بالتقسيط كي لا يتخطوا السقف المسموح للسحوبات فيقبضون قسما"كاش" وقسما" عبر البطاقة؟!.

ولدى سؤاله عما اذا كان لدى ​مصرف لبنان​ أي حل لهذه الاشكالية أوضح هارون انه سبق ان أصدر تعميما عبر جمعية المصارف طلب فيه تأمين مدفوعات نقديّة للمستشفيات و​الجيش​ وغيرهم...

لدى مراجعة مصدر مصرفي رفيع كشف عبر "النشرة" ان البنوك تجد فعليا صعوبة في تأمين "الكاش"، ولديها مشكلة مع توطين الرواتب، والسبب ان مصرف لبنان بات يضيّق على المعاملات النقدية بالعملة الوطنية، ولا يعطي المصارف سوى كميّة نقد محدودة، تكفي فقط لدفع رواتب ​القطاع العام​ و​القوى الامنية​، وهدف "المركزي" تجفيف "اللبناني" كي يخف الطلب على الدولار في السوق الموازي مما يرفع سعر الليرة.

وأشار المصدر ان بعض البنوك بدأت تطلب من شركات ​القطاع الخاص​ المُوَطّنة لرواتب موظفيهالديها ان تدفع نقدًابالعملة الوطنيةغير المتوفّرة لديها ومقابل فائدة.

وشرح المصدر ان مصرف لبنان عمد الى التضييق على ​الليرة اللبنانية​، خصوصا انه كان يعول على المنصّة لتجميد الدولار عند 12 او 13 الف ليرة، لكنّه واصل جموحه بالصعود الى قرابة 16000 ليرة، في منحى تصاعدي مع انعدام الثقة:حيث باتالجميع يطلب الدفع نقدا من الصيدلي الى ​محطات الوقود​ والمطاعم،مما زاد الضغط.وما يفاقم الازمة ان لا ​حكومة​ ولا اصلاحات ولا ​مساعدات​ خارجيّة تنبئ باقتراب الفرج.

بعد هذا الشرح من المرجع المصرفي يبدو ان هناك أزمة جديدة تلوح في الافق، هل ستواجه قطاعات اخرى حوّلت رواتب موظفيها المصير ذاته؟وهل ستحلّ ازمة "الكاش" عموما في المقبل من الايام أم سيكون الموظّف مهددا ايضا وخائفا الا يتمكن من سحبراتبه مع حلول نهاية الشهر؟!.