لم يحمل خطاب أمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​ المؤشرات التي كان يتوقعها البعض، لناحية إمكانيّة فتح كوّة أمام طروحات تقود إلى حلّ ​الأزمة​ الحكومية، لا سيما بعد الدعوة التي كانت وُجّهت له من قبل رئيس "​التيار الوطني الحر​" النائب ​جبران باسيل​، على اثر الخلاف مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

من وجهة نظر مصادر متابعة، لم يقدّم خطاب السيد نصرالله أيّ جديد على مستوى الأزمة، حيث لم يخرج عن إطار التأكيد على عدم الرغبة بالدخول في أيّ صدام مع أيّ من الأفرقاء المحليين، بالتوازي مع استمرار الجهود التي يبذلها مع حلفائه، خصوصاً "التيار الوطني الحر" و"​حركة أمل​"، حيث جاء الرد عليه بعد وقت قصير من الخطاب، من خلال الإشتباك الكلامي بين الجانبين، الذين كان أقصاه ما عبر عنه عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب ​علي خريس​، في تصريح عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، لم يكن لدى السيد نصرالله في الأصل ما يقدّمه على صعيد الأزمة الحكوميّة، حيث كان من الواضح أنّه لا يريد القفز فوق مبادرة رئيس المجلس النيابي ​نبيه برّي​، الذي سبق له أن علّق على خطوة باسيل بأنها "تُعقّد" الأمور، في مقابل حرصه على التأكيد بأن الحزب لا يقف على الحياد بل إلى جانب الحق، في رسالة إلى قيادة التيار بأنه يقف إلى جانبها، حتى ولو لم يكن قادراً على الذهاب إلى خطوات عمليّة تصب في هذا الإتجاه.

أما مستوى الأزمات الاجتماعية والإقتصادية، كان من الواضح أن أمين عام "حزب الله" لديه مؤشّرات سلبيّة حول المكان الذي من الممكن أن تذهب إليه، حيث كان الحرص على دعوة المواطنين إلى الصبر وتحمل بعضهم البعض، كي لا تصل الأمور إلى صدامات في الشارع، مع تجديد إعلان رغبته بالتوجه إلى إيران، في حال لم تبادر ​الدولة​ إلى معالجة الأزمة، لإستيراد ​المحروقات​.

وتعتبر هذه المصادر، عبر "النشرة"، أن ما عبّر عنه السيد نصرالله هو التوصيف الأدقّ لما يحصل، حتى ولو كان ذلك لا يرضي القسم الأكبر من اللبنانيين، نظراً إلى أن حالة التعقيد السياسية تترافق مع غياب الحلول الماليّة والاقتصاديّة، بدليل ما حصل على مستوى أزمة المحروقات، حيث كان الإتفاق على فتح الإعتمادات على أساس سعر صرف 3900 ليرة مقابل ​الدولار​ الواحد، الأمر الذي سينعكس على أسعار مختلف السلع الأخرى، ما يزيد من إحتمال عودة التحركات الشارع أو زيادة وتيرتها.

إنطلاقاً من ذلك، ترى المصادر المتابعة أن الأسابيع المقبلة ستكون مفصلية، بالرغم من قناعتها بأن معظم الأفرقاء يفضلون الإستمرار في حالة المراوحة حتى موعد الانتخابات النيابية شهر أيار من العام 2022، حيث من المفترض أن تظهر إمكانيّة نجاح المشاورات في الوصول إلى إتّفاق يرضي مختلف الأفرقاء، تحت طائلة الذهاب إلى إنفجار كبير على مستوى الشارع.

وتشير المصادر نفسها إلى أنّ المخاوف التي لدى الأفرقاء المحليين من ​انفجار​ الشارع ليست بعيدة عن تلك الموجودة في بعض الأوساط الدوليّة، بدليل الحرص القائم على دعم المؤسسات الأمنية والعسكريّة للحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار، بالتزامن مع البحث في كيفيّة تأمين ​مساعدات​، لا تمرّ عبر مؤسّسات الدولة، تساعد اللبنانيين على مواجهة الظروف الصعبة المنتظرة.

في المحصّلة، ترى هذه المصادر أنّ الإنفجار المتوقّع على مستوى الشارع لن يكون مفصولاً عن آخر على المستوى السياسي، نظراً إلى أنّ مختلف الأفرقاء سيسعون إلى إستغلال أي حدث، الأمر الذي كان قد دفعهم، في الفترة الماضية، إلى رفع سقف الخطابات المذهبيّة والطائفيّة، التي باتت هي ​السلاح​ الوحيد المتوفّر في ظلّ عدم وجود الأموال التي كانت تصرف في مثل هكذا إستحقاقات.