بعد ظهر أمس أعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ​ريمون غجر​ أن منشآت ​طرابلس​ و​الزهراني​ المتوقفة عن تسليم المحروقات بعد نفاد مخزونها ستفتح أبوابها اليوم وغداً لتسليم 5 ملايين ليتر من مادة ​المازوت​ إستعارتها من ​الجيش اللبناني​ بالإتفاق مع قائد الجيش العماد جوزيف عون. حجة هذه الإستعارة كانت الى حين فتح إعتمادات البواخر من قبل ​مصرف لبنان​، ولكن على رغم هذه الحجة، لم تكن هناك من حاجة ضرورية لإتخاذ تدبير كهذا ما دامت وزارة الطاقة تعمل ليلاً على إصدار جدول جديد ل​أسعار المحروقات​ يرضي الشركات المستوردة والموزعين، الأمر الذي يعني عملياً أن هذه الأخيرة، وإبتداءً من اليوم، ستغرق السوق اللبناني بمادتي المازوت والبنزين ومن المتوقع أن تختفي مشاهد طوابير الذل أمام ​محطات المحروقات​.

نعم بالتكافل والتضامن بين المستوردين والموزعين وأصحاب المحطات والمهربين الى ​سوريا​، نشأت طوابير الذل، وبضغط من هؤلاء مجتمعين، من المتوقع أن تصبح هذه الطوابير في خبر كان خلال ساعات أو أيام قليلة، لماذا؟ يجيب المتابعون للملف بالقول، "لأن المستوردين والموزعين إمتنعوا عن تسليم المحروقات في الأيام القليلة الماضية إلا بكميات قليلة جداً، ولأن المحطات إما أقفلت أبوابها كلياً وإمتنعت عن البيع وإما فتحت خطاً واحداً لديها أي بشكل جزئي، كل ذلك بهدف الضغط على وزارة الطاقة والمياه والمديرية العامة للنفط لإصدار جدول أسعار يرضيهم وهكذا حصل صباح اليوم. وفي السياق عينه، تسأل المصادر المتابعة، "هل يجوز أن تصدر وزارة الطاقة خلال ثمان وأربعين ساعة فقط جدولي أسعار؟ وهل من المقبول أن تعلن المديرية العامة للنفط الثلثاء وبعد إصدار الجدول الأول ألا خطأ فيه وأن ما يحكى عنه من خطأ في إحتساب التسعيرة سببه مجموعة مطالب رفعها المستوردون والموزعون الى المديرية وتتم مناقشتها مع الوزير غجر، وأن تعود وزارة الطاقة وتصدر جدولاً جديداً صباح الخميس بالأسعار التي تريدها الشركات والموزعون؟ لماذا الرضوخ بهذه السرعة لمطالب الشركات والموزعين؟ الجواب ليس صعباً أبداً، يكفي أن تشاهدوا ما أقرت به المديرة العامة للنفط وفي مقابلة تلفزيونية عن ضغط سياسي مورس على الوزارة لوقف قرار المديرية المتعلق بإفراغ مخزون المحطات المدعوم على السعر القديم قبل إصدار أي جدول جديد وذلك بهدف منع أصحاب المحطات من تحقيق أرباح غير مشروعة على حساب أموال المودعين التي يدعم مصرف لبنان منها المحروقات والسلع الأخرى.

إذاً كما في الكهرباء كذلك في المحروقات. في الكهرباء الدولة عاجزة عن تأمين التيار 24 على 24 ساعة وفي الأشهر القليلة الماضية لم تعد تنتج أكثر من أربع ساعات يومياً بسبب الإنهيار المالي الحاصل، فكانت النتيجة جعل المواطنين رهينة وضحية لدى كارتيل ​أصحاب المولدات​ الخاصة. وفي المحروقات، المديرية العامة للنفط لا تؤمن أكثر من 30 % من حاجة السوق وتؤمن ما تبقى من نسبة 70% الشركات الخاصة، فتكون النتيجة كما شاهدتموها في الأشهر والأسابيع القليلة الماضية وصولاً الى ما وصلنا اليه والحبل عالجرار في قطاعات أخرى عندما نكون في شبه دولة.