إختتم رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية زيارة إلى لبنان استمرت خمسة ايام، وهي الثانية في أقل من عام، وتأتي ضمن سلسلة الزيارات التي يقوم بها على رأس وفد قيادي لعدد من الدول العربية والإسلاميةفي أعقاب معركة "سيف القدس"، وما حققته من نتائج وتحولات نوعية على مستوى مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.

ورصدت "النشرة" جملة من المؤشرات التي رافقت الزيارة وأبرزها:

أولا: على المستوى اللبناني الرسمي،حققت هدفها اذ التقى هنية رؤساء:الجمهورية ميشال عون، مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال حسان دياب، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، حيث وضعهم في أجواءالتطورات على ضوء العدوان الاسرائيلي الاخير وصمود المقاومة ووحدة الشعب في غزة والضفة الغربية والقدس واراضي الثمانية واربعين، ما اربك "اسرائيل" وادخلها في أتون أزمة غير مسبوقة.

ثانيا: على المستوى الفلسطيني،لم تحقق هدفهاكاملا وبقيت منقوصة بعدما اتخذت السفارة الفلسطينية وحركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير" قرارا موحدا بمقاطعتها من "الالف الى الياء"، اي من حفل الاستقبال الى الزيارات واللقاءات الثنائية والجماعية، على خلفية إحتدام الخلافات "الفتحاوية–الحمساوية"، في أعقاب تأجيل لقاء الفصائل الفلسطينية في القاهرة برعاية مصرية الذي كان مقررا عقده الشهر الماضي، والسجال الاعلامي بين الطرفين ما يؤشر الى عمق الهوة والعودة الى المربع الاول من الخلافات،وتوقفالمضي قدما في المصالحة بعد التوافق المسبق على اجراء الانتخابات التشريعية والرئيسية والمجلس الوطني بالتوالي ثم تأجيلها بعد رفض الاحتلال الاسرائيلي السماح باجرائها في القدس.

واعتبرت مصادر "المنظمة"، ان توقيت زيارة هنية لم يكن ملائما لا على المستوى اللبناني، حيث انشغال المسؤولين بتداعيات الازمات السياسية والمعيشية والاقتصادية والمالية المستفحلة والفشل في تشكيل حكومة انقاذ وطني ما يساهم في المزيد من الانهيار اليومي. ولا على المستوى الفلسطيني حيث تبلغ الخلافات "الفتحاوية–الحمساوية" ذروتها بعد تأجيل لقاء القاهرة، وقد اظهرت بشكل واضح الهوة بين الطرفين، وترجمت بقرار مقاطعة "فتح" وفصائل "المنظمة" الزيارة وهو ما لم يحصل في السابق وفي عز الخلافات بين الطرفين.

واوضحت كنا نأمل من هنية ان يأتي حاملا مبادرة تنهي الخلاف وترسم خارطة طريق مشتركة، في اعقاب التلاقي مع الرئيس محمود عباس "ابو مازن" وحركة "فتح" وكل القوى الفلسطينية في التصدي للعدوان الاسرائيلي الاخير على غزة والقدس وحي "الشيخ جراح" والمسجد الاقصى، حيث اعادت الوحدة والصمود بين القيادة والمقاومة والشعب القضية الفلسطينية الى مركزيتها على المستوى الدولي بعد محاولات تصفيتها وشطب حق العودة وفق "صفقة القرن"الاميركية،لا ان يأتي لاستثمار المعركة في تكريس "حماس" كمرجعية رسمية من خلال الجولة على عدد من الدول او الامساك بخيوط اللعبة ولا سيما منها ورقة اللاجئين في لبنان تحديدا.

ثالثا: التباين في موقفي الجبهتين "الشعبية والديمقراطية"، اذ التزمتا بقرار "المنظمة" في مقاطعة الاستقبال الرسمي الذي أقيم في مطار بيروت الدولي، ثم مشاركة ممثليها في لقاء القوى والفصائل الفلسطينية الذي عقد في قاعة مطعم "الساحة"، ثم مشاركة نائبي الامين العام للديمقراطية فهد سليمان وللشعبية ابو احمد فؤاد، في لقاء الامناء العامين او من ينوب عنهم، ووفق معلومات النشرة"، فقد ابلغا انهما يشاركان في اللقاء كفصائل وليس كإطار (في المنظمة)، وتوقفا بإهتمام امام اهمية عدم اصدار بيان ختامي عن الاجتماع كتوافق بين المشاركين، وانما كخبر للتشاور ومقابلة هنية، سيما وان احد الحاضرين مرر دعوة الى ضرورة تشكيل "قيادة بديلة" عن "المنظمة"، لم تلقَ جوابا من "حماس" نفسها او تعليقا من المشاركين.

رابعا: اكتسبت اهمية خاصة كونها جاءت تعزز التنسيق مع القوى اللبنانية والفصائل الفلسطينية الاخرى التي تشكل المقاومة او تلك التي تدور في فلكها، وابرزها مع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، والامين العام لحركة "الجهاد" الاسلامي زياد نخالة، وقيادات الفصائل من دمشق ومسؤولي عدد من الأحزاب اللبنانية، ناهيك عن الفاعليات الشعبية وتناولت قضايا هامة تتوافق مع طبيعة المرحلة ونتائج معركة "سيف القدس" والتحولات الناتجة عنها والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية.

وأكد المسؤول الاعلامي لحركة "حماس" في الخارج رأفت مرة، ان الحوارات التي أجراها هنية تركزت على أهمية الاستمرار في مشروع المقاومة وتوفير كافة مستلزماتهK وحشد التأييد السياسي والشعبي حوله ضمن الأطر الفلسطينية والعربية والإسلامية باعتباره مشروعا ناجحا ومثمرا حقق الكثير من الأهداف،وأهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية وضرورة ترتيب البيت الفلسطيني، لكن ضمن رؤية جديدة تأخذ بعين الاعتبار النجاحات التي حققها مشروع المقاومة وتداعيات ذلك على الاحتلال الذي أصيب بخسائر وهزائم سياسية وعسكرية متعددة، بحيث لا يمكن الاستمرار في الرهان على خيار التسوية وإبقاء هذا الخيار حاكما للعلاقات الفلسطينية الداخلية وللسياسات الخارجية التي لا تأخذ بعين الاعتبار تضحيات الشعب وإنجازات المقاومة.

ولم يخف مرة ان هنية توقف عند طريقة تأجيل السلطة الانتخابات الثلاثية بعد التوافق الفلسطيني، التي تعطي مؤشرا على آلية التعامل ونهج اتخاذ القرار متطرقا في حواراته مع قيادات الفصائل الفلسطينية والقوى الإسلامية عند ضرورة مشاركة الكل في مواجهة الاحتلال وبكل الوسائل دون الانتقاص من أية وسيلة، مشيرا الى اهمية اللقاءات الخاصة مع "حزب الله" ضمن إطار التعاون والتنسيق في الرؤية المشتركة في مواجهة الإسرائيلي والاستفادة من نتائج معركة سيف القدس وإجراء تقييم مشترك لانعكاس المعركة على وضع "الكيان الصهيوني". خاصة أن فكرة المواجهة الشاملة لم تعد خارج الحسابات.