ليس غريباً أن يعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال ​حسان دياب​، خلال لقائه عدداً من السفراء، أن لبنان على مسافة أيام من الانفجار الاجتماعي، نظراً إلى أن اللبنانيين يلمسون هذا الأمر بشكل شبه يومي، سواء في الأسواق أو أمام الصيدليات أو في طوابير الذل أمام محطات المحروقات، التي تحولت إلى بؤرة أساسية تزداد فيها المشاكل بشكل لافت.

إلا أن الغريب في ما يحصل، هو حجم الدلع الذي يرافق هذه المرحلة من قبل مختلف القوى والشخصيات السياسية، بدءاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نفسه، الذي بدل أن يعلن العجز أمام السفراء الأجانب كان عليه أن يجمع حكومته لمتابعة التفاصيل اليومية التي تهم المواطنين، خصوصاً أنه عندما قرر أن يعمل وجد نفسه قادراً على قبول هبة ماليّة، لتمويل المحكمة الدولية، من دون موافقة مجلس الوزراء، بطريقة مخالفة للقانون.

في هذا الإطار، تطرح في الأوساط السياسية راهنًا، معلومات عن المقبل من الأيام ستكون حاسمة في مصير الملف الحكومي، لا سيما بعد أن أعلن عن ذلك صراحة أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله، بعد عودة رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ من الخارج، بالتزامن مع إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن لبنان أمام مفارق والوضع لن يبقى على ما هو عليه.

في هذا السياق، تشدّد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، على أنّ الكرة لا تزال في ملعب رئيس الحكومة المكلّف، الذي عليه أن يحسم أمره بين خيارين: ​تشكيل الحكومة​ بالإتفاق مع رئيس الجمهورية ميشال عون أو الإعتذار، وتلفت إلى أنّ عمليّة اللعب على الوقت بإنتظار تبدل المعطيات الخارجية لم تعد تنفع، نظراً إلى أن المخاطر التي تحدق بالوطن باتت كبيرة جداً.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ العديد من الجهّات رصدت، في الأيّام الماضية، مؤشّرات عن وجود من يسعى إلى لعب ورقة الشارع بقوّة لزعزعة الأمن الداخلي، خصوصاً من خلال موجة الشائعات التي تجتاح مواقع التواصل الإجتماعي، وتضيف: "في ظلّ حالة إنحلال الأمن المجتمعي، لا يمكن توقع مدى تطور أي إشكال فردي من بين مجموعة الإشكالات التي تقع في كل ساعة".

من وجهة نظر هذه المصادر، قد يكون من الصعب تصور نجاح الحريري في تقديم تشكيلة حكوميّة، خلال أيّام، من الممكن التوافق عليها مع عون، الأمر الذي يدفعها إلى تعزيز خيار الإعتذار، لكنها تسأل عن الخطوة التالية التي سيقدم عليها، نظراً إلى أن الثنائي الشيعي، أي "حزب الله" و"حركة أمل"، يفضل الإتفاق المسبق معه على البدائل المحتملة، خصوصاً لناحية اسم رئيس الحكومة المكلف الجديد.

بالنسبة إلى المصادر السياسية المطّلعة، الواقع الداخلي لرئيس الحكومة المكلف اليوم أكثر تعقيداً، خصوصاً في ظلّ التوتر في العلاقات السعوديّة الإماراتية، وبالتالي بعد أن كانت لديه مخاوف من الذهاب إلى تأليف الحكومة من دون الضوء الأخضر السعودي، بات لديه مخاوف جديدة من أن تفسّر أن أي خطوة، قد يقدم عليها، بطريقة خاطئة، لا سيما أنّ أبو ظبي كانت محطّة أساسية في جولاته الخارجية المتكررة.

في المحصّلة، لدى المصادر نفسها قناعة بأنّ الأيام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لمهمة الحريري، لكنها تعرب عن مخاوفها من أن يذهب إلى أيّ خطوة تصعيدية تقود إلى توتير الأجواء، أو أن يعود إلى لعبة تضييع الوقت وحرق الأسماء، في سياق السعي إلى تأكيد أن لا بديل عنه في رئاسة الحكومة.