يمكن الجزم بأن الاسبوع الحالي كان اسبوع "الشرشحة" الدولية بإمتياز، نظراً إلى الحجم الهائل والوقح من التدّخلات الخارجيّة في الملفّ اللبناني، بينما القوى السّياسية المحلّية، التي تتنافس في إدّعاء الوطنيّة والسيادة، تتفرج على ما يحصل وكأنّها غير معنيّة به بأيّ شكل من الأشكال.

في هذا الإطار، قد يكون المشهد الأكثر إثارة للإستغراب هو وجود السفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريّو في الرياض، لبحث الأزمة اللبنانية مع المسؤولين السعوديين، الأمر الذي يؤكّد أنّ الحلّ بعيد كل البعد عن بيروت، نظراً إلى أن ليس هناك من مسؤول يستطيع أن ينجز حلاً في لبنان، لكنه ليس المشهد الوحيد!.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنه على الرغم من كل الأحاديث عن أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة على صعيد الملفّ الحكومي، فإنّ كلّ القوى السّياسية تنتظر ما سيصدر عن اللقاء في الرياض لمعرفة التوجهات، نظراً إلى أنّ أيًّا منها لا يملك جواباً شافياً حول حقيقة ما يحصل حتى الآن، حيث تتراوح الأمور بين إحتمالين: الأول هو معرفة التوجّه السعودي تجاه لبنان حكومياً، أما الثاني فهو إقناع المملكة بتقديم مساعدات بالشراكة مع واشنطن وباريس.

وتوضح هذه المصادر أنّ أبرز المنتظرين هو رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​، الذي ربط قراره بالإعتذار بما قد يصدر عن هذا اللقاء، نظراً إلى أن نجاح ​الولايات المتحدة​ و​فرنسا​ في تأمين الغطاء السعودي له يعني القدرة على إبرام تفاهمات مع الأفرقاء المحليين، لا سيما رئيسي الجمهورية ​ميشال عون​ و"التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، أمّا في حال فشلهما فإنّ ذلك يعني عدم قدرته على الذهاب إلى أيّ خطوة جديدة.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذا الواقع يفتح الباب واسعاً أمام سؤال آخر، يتعلق بإمكانية أن تبدي الرياض تجاوباً مع المساعي الفرنسيّة والأميركيّة، لكن من دون دعم الحريري أو غيره، الأمر الذي قد يدفعه إلى الإعتذار سريعاً، لا سيما أن الهدف من ذلك سيكون منع الوصول إلى الإنهيار الشامل قبل موعد ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، الإستحقاق الذي تراهن عليه واشنطن وباريس لقلب المعادلة البرلمانيّة.

حول هذا الموضوع، تطرح المصادر السياسية المطلعة الكثير من علامات الإستفهام عمّا إذا كان ذلك سيقود إلى حل على المستوى الحكومي، خصوصاً أن أي شخصية أخرى لن تكون قادرة على تولّي المهمّة بدلاً عن الحريري بسقوف أدنى من تلك التي رفعها، الأمر الذي حال دون ولادة الحكومة، بينما الأفرقاء الآخرين المعنيين بهذا الملف قد يذهبون إلى التشدّد في مواقفهم، نظراً إلى أنّهم في الأصل لم يهضموا الطريقة التي تتمّ فيها الحركة الدبلوماسيّة الحاليّة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الواقع قد يعيد البلاد إلى المربّع الأول، أيّ عدم القدرة على الذهاب إلى ​تأليف الحكومة​ مهما كانت الضغوط، ما يعني إستمرار حكومة تصريف الأعمال، التي أثبتت عجزها بإعتراف رئيسها ​حسان دياب​، فترة طويلة، ربّما حتى موعد الإنتخابات النّيابية المقبلة، بالرغم من أنّ الجميع يعترف أنّ الظروف الإقتصاديّة والإجتماعيّة لا تحتمل هذا السيناريو.

في المحصّلة، ما يحصل على مستوى الأزمة الحكوميّة، من تدخّلات خارجيّة، لا يمكن أن تقبل به أيّ دولة تحترم نفسها، لكن في لبنان القوى السياسية المحلّية هي من يتحمّل المسؤوليّة عن ذلك، نظراً إلى أنها هي من فتح الأبواب لهذا الأمر، من خلال إرتباطاتها وعدم مسؤوليّتها.