أكّد المدير التنفيذي لـ"​صندوق النقد الدولي​"، ممثّل المجموعة العربية في مجلس إدارة الصندوق محمود محيي الدين، أنّ "وجود حكومة ​لبنان​يّة كاملة الصلاحيّات الدستوريّة، شرط ضروري وأساسي لبداية أيّ تفاوض مع "صندوق النقد" بخصوص برنامج للتعاون، في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة غير المسبوقة الّتي يشهدها لبنان".

وأوضح، في حديث صحافي، أنّه "لا يمكن لـ"صندوق النقد الدولي" أن يعقد برنامجًا مع حكومة لا تملك صلاحيّات دستورية كاملة، ولا مع حكومة موقّتة أو حكومة تصريف أعمال"، مشدّدًا على "ضرورة أن تكون هناك حكومة لبنانيّة لديها صلاحيّات كاملة ووافية للتفاوض مع الصندوق، والاتفاق على برنامج للإصلاح الاقتصادي والتمويل".

وأشار محيي الدين إلى أنّ "لبنان باعتباره عضوًا في "صندوق النقد الدولي"، وفي ظلّ عدم وجود حكومة كاملة الصلاحيّات، فإنّ الصندوق يبقي على قنوات التعاون الفني مفتوحة مع "​مصرف لبنان​" المركزي ومع الوزارات الاقتصاديّة المعنيّة في حكومة تصريف الأعمال وعلى رأسها ​وزارة المالية​، وذلك في إطار تعاون فنّي في ما يرتبط بالشؤون الماليّة والنقديّة على مستوى الخبراء بالصندوق"، مبيّنًا أنّهم "على تواصل مستمر مع نظرائهم".

ولفت إلى أنّ "التعاون الفنّي في غاية الأهميّة، حيث أنّه رغم عدم وجود حكومة تتمتّع بصلاحيّات كاملة، إلّا أنّ "صندوق النقد" يقوم بعمليّة متابعة دوريّة، ليظلّ العاملون والخبراء على علم ودراية بالمستجدّات، بما يفيد في تسهيل التفاوض على برنامج متكامل عندما تكون هناك حكومة ذات صلاحيّات، وذلك على غرار ما تمّ في عدد من الدول العربية".

كما ذكر أنّه "إذا تمّ اتفاق بين ​الدولة اللبنانية​ والصندوق فسيكون هناك تمويل، وهذا التمويل سيجذب تمويلًا آخر من جهات ومؤسّسات دوليّة تمويليّة أخرى، ويعيد الثقة ب​الاقتصاد اللبناني​ وقدرته على التحرّك. كما سيكون هناك قواعد جيّدة تسمح باستعادة الثقة في الأوضاع الاقتصاديّة وتفتح المجال للاستثمار والتجارة بشكل منتظم والتشغيل للمتعثّرين". وركّز على أنّ "الوضع الاقتصادي الصعب في لبنان لم يشهده في تاريخه المعاصر، حيث وصل إلى مستويات غير مسبوقة من البطالة والفقر والفقر المدقع، فضلًا عن المشاكل لتوفير الحاجات الأساسيّة للمواطنين ومنها الدواء والغذاء".

وعن زيارته لبيروت، أفاد محيي الدين بـ"أنّه حضر إلى لبنان بصفته ممثّلًا للحكومة اللبنانية والمجموعة العربية في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي"، مشدّدًا على "أنّه لا يتفاوض مع حكومة تسيير الأعمال اللبنانيّة باسم صندوق النقد الدولي". وأشار إلى "أنّه زار رئيس الجمهوريّة ​ميشال عون​، رئيس مجلس النوّاب ​نبيه بري​، رئيس حكومة تصريف الأعمال ​حسان دياب​، رئيس الحكومة المكلّف قبل اعتذاره سعد الحريري، حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة، الوزراء المعنيّين بالشؤون الاقتصاديّة في حكومة تصريف الأعمال وهما وزيرا الماليّة غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة، وأنّ الهدف من الزيارة هو الاطّلاع على التطوّرات وتقييم الموقف".

وأكّد أنّها "كانت فرصة جيّدة للتعرّف على كيفيّة إدارة الأمور في هذه المرحلة الّتي تديرها حكومة تصريف الأعمال، حيث كانت اجتماعات مطوّلة"، لافتًا إلى أنّ "الزيارة تؤهّل للاستعداد لما هو قادم إذا ما كانت هناك حكومة".

وعن الجدل الدائر حول تخصيص مبلغ بمئات الملايين من الدولارات الأميركية للبنان وكيفية تحويله، بيّن محيي الدين "أنّني لا أستطيع الحديث عن رقم محدّد حتّى الآن، وهذه الأموال ليست منحة ولا قرضًا ولا مكافأة، ولكنّها نسبة 95% من وحدات حقوق السحب الخاصّة (احتياطي نقدي لكل دولة عضو بالصندوق)، حيث أقرّ مجلس إدارة "صندوق النقد" إعطاء كلّ دولة من الدول الـ190 الأعضاء بالصندوق، تلك القيمة من الوحدات لمساعدتها في مواجهة التداعيات الاقتصاديّة لجائحة "كورونا"؛ وذلك بصرف النظر عن ظروفها".

إلى ذلك، فسّر أنّه "بعد موافقة مجلس الإدارة، تمّ إحالة الأمر لمجلس المحافظين بالصندوق والّذي سينظر بالموضوع، وفي حال الموافقة عليه سيتمّ الإصدار الفعلي في نهاية شهر أغسطس المقبل تقريبا دون تحديد موعد محدّد"، موضحًا أنّ "هذه الأموال تحول فور إصدارها إلى لبنان ويتمّ الإعلان رسميًّا عن موعد إصدارها". وركّز على أنّها "تحوَّل على مستوى العالم للبنوك المركزيّة بالدولار"، مشدّدًا على أنّها "مخصّصة أساسًا للتعامل مع التداعيات السلبية لجائحة كورونا".

وشرح أنّ "المبلغ الّذي يتمّ تحويله يُضاف إلى الاحتياطي النقدي من النقد الأجنبي، الّذي تديره البنوك المركزيّة حول العالم، مع الالتزام بقواعد الشفافيّة"، مشيرًا إلى أنّ "تحويل مخصّصات حقوق السحب الخاصّة لا يستلزم وجود حكومة كاملة الصلاحيّات، لأنّه لا يحتاج برنامجًا بل أن يكون هناك فقط مصرف مركزي معتمد، وبالتالي لبنان شأنه شأن أيّ دولة أخرى، سيحصل على نصيبه المعروف وهو 95% من الحصّة الخاصّة به من وحدات السحب الخاصّة".