أكد قائم مقام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام "أن أزمتنا في هذا البلد أزمة قلوب وضمائر، فإن الإناء الذي يقوم عليه البناء المجتمعي وصولا الى السياسي قد جف منه ماء الحياة وماء الحياء، فالموظف يرتشي ويتحكم بمعاملات الناس وحقوقهم ومصالحهم، والقاضي لا يحكم بالحق والعدل، والتاجر يحتكر ليربح أكثر وبعض المواطنين يبحثون عن وسيلة لاستغلال الناس وحاجاتهم، سواء في المحروقات أم الأدوية أم السلع، وصولا الى السياسي الذي يسخر منصبه لمصالحه الشخصية ومنافعه المادية وكل حساباته ضمان مستقبله السياسي وتقوية نفوذه، حتى باتت مقاليد أمورنا بيد قلوب قاسية يابسة وضمائر ميتة بائسة، أوصلت بأدائها اللامسؤول واللامخلص الى وطن مدمر واقتصاد مفلس وكوارث اجتماعية هائلة، بل إن ما حدث في بلدنا لعله لم يحدث في التاريخ ولا نعلم أنه حدث في أي بقعة جغرافية أخرى".

وخلال خطبة عيد الأضحى في المسجد المنصوري الكبير في طرابلس، سأل "هل سمعتم عن بلد تم الاستيلاء فيه على أموال مواطنيه واختفائها وتبخرها، والأعجب من ذلك أن الجميع غير مسؤول ولا دخل له، والكل غسل يده من انفجار شبه نووي في العاصمة وأبرياء يموتون في بيوتهم وفي الطرق وفي المستشفيات، وممتلكات تدمر وتهدم ولا أحد مسؤول، والجميع لا دخل له، وكلهم كما يدعون كانوا يقومون بواحباتهم على أكمل وجه، لم يرف جفن أحد ولم يحن قلب أحد، إنها أزمة حياة وحياء، لا حياء عندهم، ما هذه الوقاحة؟ وما هذه القباحة؟ وما هذا الازدراء للناس وما هذا الاستخفاف بهم ؟ من ملككم رقاب الناس أيها المسؤولون، من ملككم أرزاقهم ومصيرهم ومصير أبنائهم؟ بأي حق تتصرفون بمقدرات الشعب والوطن ؟".

وأضاف: "أنتم في ميزان الحق وفي نظر الناس متهمون حتى تثبت براءتكم، فنتائج حكمكم في البلد هي التي تشي بهذه الحقيقة، أنتم متهمون ولا أقول مدانين حتى تثبت براءتكم".

وأردف: "ما هذا النفاق السياسي الذي ليس له مبدأ، وهل يستقيم الحكم بهذه الطريقة فيوما تقولون الدستور والقانون، ومرة ترفعون شعار حقوق الطوائف، وتارة تتمسكون بأعراف تخترعونها، في كل مرة تزورون في كل ذلك وتغيرون بحسب مصالحكم، وهذا عين النفاق. أما مقولة حقوق الطوائف فهي أخطر مقولة على لبنان، فهي تعني تدمير الثقة بين مكونات الوطن وضرب أي إمكانية للعيش المشترك، فحقوق المسيحيين كما حقوق المسلمين مصانة بالدستور والقانون ولا تحتاج إلى بدع الاعراف واختلاق المطالب الى درجة تعطيل الدستور ومن ورائه تعطيل الحكم والحياة والبلد. إنها الأخطر وتعني أن قائلها لم يعد يمثل الا طائفته ولا يمثل كل اللبنانيين، إنها الأخطر لأنها تعني أن المسيحي لا ثقة له بالمسلم والعكس أيضا، إنها الأخطر لانها تعني أن هذا الشعار ينطوي على اتهام بأن الشريك في الوطن يعتدي على حقوق صاحب الشعار، أو يريد سلبه اياها، هذا المنطق برمته لا يبني وطنا يعيش فيه أناس من ديانات ومذاهب شتى، إنه شعار أقرب إلى التطرف المفروض والتعالي البغيض، إنه التقسيم بعينه فعلا وواقعا".

وتوجه الى المسؤولين بالقول: "أيها المسؤولون اتركوا لنا عيدا نفرح به ونفرح فيه، لقد جئتم وجاء معكم الدخان الأسود والسوق السوداء، متى تستيقظ ضمائركم، الا تعرف قلوبكم الرحمة، الا تملكون شيئا من الحياء لان فاقد الحياء لا يأتي الا بشر".