في الثاني من تموز 2021، أي منذ عشرين يوماً أعلن المحقق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ القاضي طارق البيطار لائحة المسؤولين الذين قرر ملاحقتهم. منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، لا يمكن وصف ما يحصل في هذا الملف إلا بعبارات المماطلة والتسويف وكسب الوقت من قبل المسؤولين ومرجعياتهم، كل ذلك في محاولة للهرب من المثول أمام المحقق العدلي. كيف؟ اليكم ما يحصل وبالتفاصيل.

في الإجتماع المشترك الذي عقدته هيئة مكتب ​مجلس النواب​ ولجنة الإدارة والعدل لمناقشة الطلب الوارد من البيطار لملاحقة النواب علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر بصفتهم وزراء سابقين، طلب المجلس من البيطار مزيداً من التفاصيل عن ملف التحقيق غير أن المحقق العدلي رفض حفاظاً على سرية التحقيق، عندها ولكسب الوقت أيضاً وسحب الملف من القاضي المذكور، لجأ تسعة وعشرون نائباً أكثريتهم من كتل حزب الله وحركة امل وتيار المستقبل الى توقيع عريضة طلبوا فيها من الهيئة العامة إتهام النواب الثلاثة مع رئيس الحكومة ​حسان دياب​ والوزير السابق يوسف فنيانوس وإحالتهم أمام المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. عريضة سرعان ما سقطت بإنسحاب 4 نواب منها تحت ضغط الرأي العام الذي شنّ اعنف الحملات على وسائل التواصل الإجتماعي تحت عنوان "لائحة العار اسقطوها".

كسب الوقت والمماطلة إنسحبا أيضاً على ملاحقة البيطار للمدير العام للامن العام اللواء عباس أبراهيم. فوزير الداخلية محمد فهمي لم يقل كلمته في الموضوع إلا بعد مراجعة الدائرة القانونيّة في وزارة الداخلية، وفي نهاية المطاف رفض إعطاء الإذن، عندها لجأ البيطار الى النيابة العامة التمييزية لإعطاء إذن الملاحقة، غير أن الأخيرة لم تردّ على طلبه بعد على رغم مرور أكثر من أسبوع على ارساله.

أيضاً وأيضاً تم إعتماد سياسة إضاعة الوقت في الطلب الموجّه من البيطار الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أرسل إستشارة الى هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل للحصول على رأيها حول المرجعيّة المخوّلة إعطاء الإذن وعمّا إذا كانت رئاسة الجمهورية أم الحكومة. هيئة الإستشارات ردّت بأن المجلس الأعلى للدفاع هو المرجعيّة في إعطاء إذن الملاحقة لأنّ المديريّة العامة لأمن الدولة تتبع له، فما كان بالأخير إلا أن إجتمع وبدلاً من أن يقول كلمته، قرّر أن يطلب من رئاسة مجلس الوزراء التواصل مع المحقّق العدلي عبر القاضي البيطار عبر وزارة العدل لإعادة إرسال طلب الملاحقة الى المجلس الأعلى للدفاع. عندها دخل طلب الملاحقة نفق التبليغات والبريد البطيء وجاءت عطلة عيد الأضحى لتفرمل كل شيء راهناً.

حتى بالنسبة الى ملاحقة القضاة، لم ترد النيابة العامة التمييزية بعد على كتاب البيطار الذي طلب فيه إجراء المقتضى مع قاضيي العجلة في بيروت جاد معلوف وكارلا شواح، وذلك بعدما وردت اليهما مراسلات حول متفجّرات مخزّنة في المرفأ من دون المبادرة الى إتخاذ قرار بشأنها.

إذاً، تسويف ومماطلة وتأجيل وصولاً الى النتيجة التالية: التمّسك بالحصانات وعدم المثول أمام البيطار وصولاً الى تطيير التحقيق برمّته وكأنّ شهداء وضحايا كارثة 4 آب إنتحروا!.