لا تزال الضبابية تسيطر على مشهد ​الاستشارات النيابية​ الملزمة، المقررة يوم الاثنين المقبل، نظراً إلى عدم وجود اتفاق شبه كامل على تسمية رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​، بسبب موقف "​التيار الوطني الحر​" الذي لا يزال يعارض التسوية التي حصلت بين مجموعة من الأفرقاء السياسيين من دون أن يكون ضمنها، في حين لم يكشف المرشح المفترض عما إذا كان يقبل بالتسمية من دون الحصول على الضمانات التي كان يطلبها، خصوصاً لناحية القدرة على التأليف سريعاً.

انطلاقاً من ذلك، ارتفعت، في الساعات الماضية، أسهم تأجيل الاستشارات إلى موعد يحدد لاحقاً، بحجة الحاجة إلى المزيد من الوقت للإتفاق على المرحلة التي تلي التكليف، نظراً إلى أن ليس من مصلحة أي من الأفرقاء تكرار السيناريو الذي حصل مع رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، الذي قرر الاعتذار بعد ما يقارب 9 أشهر.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الأجواء الحالية لا توحي بإمكانية الوصول إلى تأليف سريع، على عكس ما يتمنى ميقاتي، أو "التيار الوطني الحر" الذي عاد إلى التلويح بورقة الاستقالة من المجلس النيابي، بسبب الحملة الشرسة التي تخاض من الجانبين.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الأجواء الحالية تشير إلى أن رئيس الحكومة السابق في طور الذهاب إلى الإعتذار قبل التكليف، نظراً إلى أنه انتقل سريعاً إلى شن حملة تستهدف رئيس التيار النائب ​جبران باسيل​، عبر تحميله مسؤولية التعطيل والحديث عن أنه يريد الحصول على الثلث الضامن، في المقابل كانت أوساط الأخير تعيد التلميح إلى أن ميقاتي لا يمكن أن يكون مرشحاً اصلاحياً.

وترى المصادر نفسها أن من يريد الذهاب إلى ​تأليف الحكومة​ لا يذهب إلى اعتماد هذا النهج، بل يسعى إلى التهدئة مع مختلف الأفرقاء من أجل تسهيل مهمته، وتعتبر أن الأفرقاء السياسيين، على ما يبدو، لم يتعلموا من التجربة الماضية، التي قادت إلى إضاعة أشهر طويلة على اللبنانيين، الذين دفعوا ثمنها مزيداً من الإنهيار في أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

على صعيد متصل، تشير المصادر السياسية المطلعة إلى أن المعبر الأساسي لأي حكومة هو التفاهم بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية ​ميشال عون​، الأمر الذي لا يمكن أن يحصل من دون أن يكون رئيس "التيار الوطني الحر" في أجوائه، وتسأل: "ما الفائدة من الذهاب إلى تكليف ميقاتي في حال كان يريد تكرار تجربة الحريري حرفياً"؟.

من وجهة نظر هذه المصادر، ما يحصل في الوقت الراهن يثير مجموعة واسعة من علامات الاستفهام، خصوصاً أن ميقاتي كان يقدم نفسه على أساس أنه مرشح توافقي، أي أنه لا يقبل التسمية في حال لم يكن هناك توافقاً حولها، بالإضافة إلى الحصول على ضمانات أخرى متعلقة بالنجاح، إلا إذا كان ذلك من أدوات التفاوض على نار حامية.

في المحصلة، تجزم المصادر نفسها بأن الذهاب إلى الإستشارات، في ظل هذه المعطيات، لن يزيد الأمور إلا تعقيداً، نظراً إلى أن من الصعب أن تنجح الإتصالات القائمة في الوصول إلى نتائج إيجابية، قبل الموعد المحدد، بسبب ضيق الوقت.