على ما يبدو، تلوح في الأفق حيوية مستجدة لدى القوى الدولية المؤثرة في السياسية اللبنانية، تحديداً الولايات المتحدة، وفرنسا، قد تدفع الى ولادة "حكومة مهمة"، تلتزم بتنفيذ برنامجٍ محددٍ ببنديّن، وقف الإنهيار الإقتصادي في لبنان، وإجراء الإنتخابات النيابية المرتقبة، بحسب ما تنقل مصادر مقرّبة من الرئيس نجيب ميقاتي.

وتكشف أن موقع ميقاتي "الوسطي" في التركيبة الداخلية اللبنانية، ومواقفه "المعتدلة"، جعلاه يحظى برضىٍ خارجيٍ، تحديداً أميركي وفرنسيٍ، ورضىٍ سعودياً، كي يترأس "حكومة المهمة" المذكورة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر فيها البلد.

وتشير المصادر عينها الى أن غالبية المكونات اللبنانيين الممثلة في البرلمان، ستسمي ميقاتي رئيساً مكلفاً لتأليف الحكومة المرتقبة. وتنقل أنه على كامل الجهوزية والاستعداد للتعاون الإيجابي مع رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون، والتيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، من أجل تحقيق مصلحة لبنان واللبنانيين، على حد تعبير المصادر.

وفي السياق، يعتبر مرجع طرابلسي على صلة مع ميقاتي، أن مختلف الأطراف السياسيين مأزومين راهناً، وهم في حاجةٍ الى ولادة حكومة، تحد من الإنهيار الإقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان، وتعمل على نزع فتيل الإنفجار الاجتماعي الكبير والمحتمل وقوعه في وقتٍ قريبٍ، إذا إستمرت الضغوط الإقتصادية الراهنة على اللبنانيين، ولازمها تدهور الأوضاع المعيشية والاجتماعية.

ويلفت المرجع إلى أن ثمة توجه دولي للحد من الإنهيار المذكور، لاعتباراتٍ عدةٍ، أبرزها عدم هروب النازحين السوريين الى الدول الأوروبية، والالتفاف على فرضية سيطرة ح-زب الله على المفاصل الأساسية في البلاد، إذا آلت الأوضاع الى السقوط الكامل.

ويعتبر أن في حال إنحدرت الأوضاع الى هذا النحو، قد تدخل روسيا والصين لإنقاذ الوضع، وهذا ما يتجنبه الطرفان الأميركي والفرنسي، ودائماً برأي المرجع. بالإضافة الى ذلك، يؤكد أن لدى الطرفين المذكورين حاجة لإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، لإنهما يحاولان تثمير "حركة الإحتجاجات" التي تبلورت بقوةٍ عقب إحتجاجات 17 تشرين الأول 2019، والمدعومة مالياً ودعائياً منهما ومن بعض الدول الخليجية، علّها تحدث تغييراً في تركيبة المجلس النيابي الراهن، (أي السعي الى إيصال أعلبية نيابية في الإنتخابات المقبلة لمواجهة حزب الله وحلفائه).

ويرجح المرجع تكليف ميقاتي أم الدكتور نواف سلام في الإستشارات النيابية، المزمع إجرائها الأثنين المقبل، أو الخميس الذي يليه على أبعد حدٍ، ذلك إفساحاً في المجال أمام إتمام حركة المشاورات الحكومية، يختم المرجع. ويتجه التيار الوطني الحر الى تسمية سلام، ولكن لا شيء محسوم حتى الساعة، على حد قول نائب في تكتل لبنان القوي.

وتذّكر مصادر قريبة من "التيار" بما إقترفه ميقاتي من إساءات جمة في حق رئيس الجمهورية، و"الوطني الحر"، أبرزها يوم حاول ميقاتي، بالإشتراك مع زملائه الرؤساء السابقين ميشال سليمان وأمين الجميل وتمام سلام وفؤاد السنيورة، التشويش على موقف لبنان الرسمي في القمة العربية التي إنعقدت في عمان في آذار 2017، يوم بعثوا برسالةٍ الى الأمانة العام للقمة، في محاولة للالتفاف على موقف رئيس الجمهورية الداعم للمقاومة، والتضامن العربي، من خلال إستعادة سورية مقعدها في الجامعة العربية.

ولا تنسى المصادر موقف ميقاتي الشهير، يوم قال: "لقد ترأست الحكومة في العام 2011، بعد خروج الرئيس سعد الحريري من السرايا الكبيرة، لكبح جماح التيار الوطني الحر..."، تختم المصادر.

أما بالنسبة لموقف حزب الله من الشأن الحكومي، فيجزم مرجع مسؤول في الحزب، أنه لن يعرقل أي توافق داخلي على تسمية رئيس حكومة مقبل، ولكن مسألة تكليف نواف سلام "خط أحمر، يختم المرجع.

وهنا يستغرب مرجع وازن في فريق الثامن من آذار، موقف ح-زب الله غير المعلن الداعم لميقاتي "صديق مدير المخابرات الفرنسية برنار إيمييه، مؤكداً أن طرح تكليف الأول، هي توليفة الأخير، برضى أميركي، وإقتناعٍ سعوديٍ.

ويعتبر المرجع أن هذه "التوليفة" لم تأت من عدم، بل نتيجة تجارب ناجحة جداً بين ميقاتي والغرب. ولاريب أن ممارسات "زعيم الوسطية" خلال توليه السلطة تؤكد هذا الأمر. فهو كان في طليعة من تجاوز القضاء اللبناني، وشكك به، من خلال إقرار المحكمة الخاصة بلبنان، وتموليها على حساب الشعب اللبناني. ثم تعيين مسؤولين أمنيين معادين لمحور المقاومة، لفقوا الإتهامات الجائرة في حق القادة الأمنين السابقين وسواهم، ليزجهوهم في معتقلات "ثورة الأرز" نحو أربعة أعوامٍ من دون أي مسوغٍ قانونيٍ.

وهنا يبدي المرجع تخوفه على موقعي المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، في حال تسلم ميقاتي الحكم. ويكشف أن جل حماسة إيمييه لتكليف صديقه، هو لسببين أساسيين، هما: محاولة وضع اليد الفرنسية على مرفأ بيروت، من خلال تلزيمه لأحدى الشركات الفرنسية التي يديرها أحد أصدقاء ميقاتي وهو من أصولٍ سورية.

كذلك عرقلة تفعيل العلاقات الثنائية اللبنانية- السورية، ومنع عودة النازحين، ولميقاتي تجربة واضحة في هذا الصدد، يوم رفض وزميله العماد ميشال سليمان، تسمية لجنة لجدولة إعادة النازحين السوريين الى ديارهم، بعدما سمّت دمشق لجنة للغاية عينها في العام 2013، برعاية الامانة للمجلس الأعلى اللبناني – السوري، ويختم المرجع بالقول: "هذا غيض من فيض".

رغم كل الأجواء الإعلامية السائدة راهناً، التي تشي بقرب تكليف ميقاتي، غير أن مصادر عليمة متابعة لحيثيات الشأن الحكومي، تجزم بأن لا شيء محسوماً حتى الساعة، خصوصاً ان الحريري لن يتخذ موقفاً حاسماً بتأييد ميقاتي، في ضوء معارضة كبيرة من السنيورة والنائب سمير الجسر، لتكليف ميقاتي. كذلك فأن "القوات اللبنانية" لن تمسيه، إذاً يقتصر تأييد ميقاتي .على كتلة الرئيس نبيه بري ومن يدور في فلكه ليس إلا، وهذا التأييد غير ميثاقي لتسمية ميقاتي، خصوصاً بعد إتخاذ الكتل المسيحية الوازنة قراراً بحجب اصواتها عنه، تختم المصادر.