لفتت صحيفة "الغارديان" البريطانيّة، في مقال افتتاحي بعنوان: "وجهة نظر الغارديان حول الانقلاب في ​تونس​: ربيع يتحوّل إلى شتاء"، إلى أنّ "تونس كانت الدولة العربيّة الأولى الّتي أطاحت بديكتاتورها في عام 2011، وكانت الوحيدة الّتي بقيت فيها ديمقراطيّة حقيقيّة". ورأت أنّ "الأحداث الأخيرة تشير إلى أنّ تونس تشهد ثورةً مضادّةً"، مبيّنةً أنّ "اقتحام قوّات الأمن لمحطات التليفزيون ليس بعلامة جيّدة على الإطلاق".

وركّزت على أنّ "دفء ​الربيع العربي​ قد تحوّل بالتأكيد إلى برد الشتاء"، مشيرةً إلى أنّ "من الصعب الاختلاف مع وصف ​حزب النهضة​ بأنّ ما جرى انقلاب". وأوضحت أنّ "السبب وراء أنّ قطاعات من المواطنين تتصرّف بلامبالاة أو تقبل مفاهيم غير ليبراليّة، هو أنّ الحريّة والديمقراطيّة في تونس لم تحقّقان الاستقرار السياسي والاقتصاد المزدهر. فبدلًا من ذلك، استمرّ ​الفساد​ والتضخم و​البطالة​".

وذكرت "الغارديان" أنّ "تفشّي وباء فيروس "كورونا" كشف أيضًا عن مدى الاختلال الّذي وصلت إليه الدولة التونسيّة. فقد وجد استطلاع أجراه المعهد الوطني للإحصاء في تونس، أنّ ثلث الأُسر كانت تخشى نفاد الطعام العام الماضي"، مركّزةً على أنّ "الحكومة، وفقًا لوثائق مسرّبة، كانت مستعدّة لإلغاء دعم الخبز في المفاوضات للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار من "​صندوق النقد الدولي​"، وهو الرابع في 10 سنوات. ولم يتفاقم الغضب من تعامل الحكومة مع الوباء إلّا بسبب مستوى الدين الوطني: فقد أصبحت مدفوعات القروض الآن ستة أضعاف حجم ميزانية الصحة في البلاد".

وشدّدت على أنّ "من السهل أن نرى كيف يمكن طرح الحجة القائلة بأنّ المؤسّسات الديمقراطيّة في تونس لا تقدّم ما يحتاجه الجمهور. لكن النظام الرئاسي القوي انهار قبل عقد من الزمان، لأنّه أثبت أنّه غير قادر على تلبية مطالب الناس". ورأت أنّ "ما تحتاجه تونس هو أن يتبنّى السياسيّون وجهة نظر أكثر واقعيّة حول المكان الّذي يجب أن تذهب إليه البلاد، فالعودة إلى الاستبداد لن تضمن استقرار النظام"، لافتةً إلى أنّ "الرئيس التونسي ​قيس سعيّد​ تحدّى الدستور لتعليق البرلمان. وتشير عدم قدرته على العمل مع رئيس وزراء اختاره إلى أنّه غير مناسب لنظام حكم معقّد، كما أنّ مدحه للديكتاتوريّة العسكريّة المصريّة لا يساعد كثيرًا لبثّ الثقة".

كما أكّدت أنّ "هناك أزمةً في تونس. سيتم نزع فتيلها من خلال رؤية حالة الطوارئ على حقيقتها ومعالجة أسبابها - وليس من خلال الإصرار على الحجج المناهضة للديمقراطية التي تجاوزت تاريخ انتهاء صلاحيتها".