فيما يتصدر الموضوع السياسي اهتمام اللبنانيين لما له من تأثير كبير على الوضعين المالي والاقتصادي، والذي برز انعكاسه على تراجع سعر صرف ​الدولار​ وعودته الى الصعود في اليومين الماضيين، كيف سيتطور ​الوضع الاقتصادي​ المالي والمعيشي اذا تشكلت حكومة قادرة على وقف الانهيار سريعا ام لم تتشكل واعتذر رئيس الحكومة المكلف. الكل يدرك اننا لا نتحدث عن سيناريو جيد وآخر سيء بعد الدرك الذي بلغناه اقتصاديا وماليا واجتماعيا، بل سيكون الوضع سيئًا بدون أمل او أقل سؤا، بحيث تضع الحكومة التي ستتشكل القطار على سكة الاصلاح وتبدأ العمل على وقف الانهيار. فماذا يقول الخبراء واية تداعيات اجتماعية سيكون لكل من السيناريوهين؟!.

تقول مصادر متابعة لـ"النشرة" اننا بالفعل امام سيناريوهين، الاول المتفائل يفترض انه اذا تشكلت حكومة بسرعة قادرة على العمل وفق ​المبادرة الفرنسية​ ستعمل على خطين:

1- العمل على وقف الانهيار.

2- تنظيم الانتخابات.

وتلفت المصادر الى انه لا يجب رفع سقف التوقعات من حكومة ​نجيب ميقاتي​ بعد تشكيلها، لأن ​المجتمع الدولي​ يتطلع الى حكومة ما بعد الانتخابات التي ستكون ممثّلة حقيقيّة للشعب اللبناني وسيتم التعاطي معها على انها ستوقف الانهيار.

وتعول المصادر نفسها على استحقاق شهر آب في 26 /27 الجاري المتمثل بحقوق السحب الخاصة بلبنان من ​صندوق النقد الدولي​ التي لن تكون نقدا حوالي 860 مليون دولار اذ يجب على الحكومة ان تبدّلها من إحدى دول الصندوق الكبرى، وتقول المصادر ان ميقاتي صرّح أنه سيستخدم هذه الاموال لاستثمارها في انشاء معملي ​كهرباء​ ممّا سيستغرق وقتا، وفي الوقت عينه ستعمل الحكومة المقبلة على المساهمة جزئيا بالتخفيف من معاناة المواطنين من خلال تأمين ​الفيول​ لمعامل الطاقة، مع وجود معلومات تشير الى ان دولة الكويت ممكن ان تقدم بعض المساعدات في هذا السياق.

الى ذلك، فإنّ الحكومة هي على موعد مع ازمتين: الكهرباء ووقف الدعم الذي بات أمرا واقعا، اضافة الى البطاقة التمويليّة وسبل ايجاد الاموال لها، اذ كان الحديث سابقا ان يكون من حصة لبنان في صندوق النقد، لكن ميقاتي يفضل استخدامها لبناء معامل الطاقة.

عميد كلية ادارة الاعمال في جامعة الحكمة البروفسور جورج نعمة طالب عبر "النشرة" البدء بمفاوضات مع صندوق النقد الدولي ووضع خطة اصلاحية تؤمّن الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل وتدير الانتخابات. وتابع أنّه في حال اعتذار رئيس الحكومة المكلّف، فالامور ذاهبة الى المزيد من الانهيار في الخدمات الاساسية كالكهرباء و​المحروقات​ والدواء وغيرهم. وتعليقا على تراجع سعر صرف الدولار قبيل تكليف ميقاتي وخلال مفاوضاته ل​تشكيل الحكومة​، رأى البروفسور نعمة ان المواطنين باعوا كميات كبيرة من الدولارات لديهم لأنهم املوا في تشكيل حكومة سريعا توقف الانهيار، لكنه لفت الى انه اذا لم يحصل هذا الأمر سريعا سنشهد تدهورا كبيرا في سعر صرف الليرة؛ وهذا ما يراه الخبير الاقتصادي د. مروان اسكندر عبر "النشرة" فيؤكّد أن الكارثة واقعة أقتصاديا وحضاريا في حال فشل تأليف الحكومة، بمعنى أن الأزمة ستزداد سوءا يوما بعد آخر، لتبدأ البنى الأساسيّة بالتوقف فتزداد ساعات انقطاع التيار، سيسوء ​قطاع الاتصالات​ ويتأخر التعليم، وسيهاجر الخبراء الذين يعملون في لبنان ويرحلون.

ويبدي د. اسكندر تفاؤلا حذرًا رابطًا تشكيل الحكومة بحسب مسار الامور وطبيعة التشكيلة شارحًا: ان كانت حكومة اصلاحات توحي بالثقة وقادرة على العمل، ام لادارة الازمة وتحضير الانتخابات ليس اكثر!.

وردا على سؤال عمّا هو متوقع من مؤتمر دعم لبنان في آب المقبل لفت اسكندر الى ان المساعدات لن تذهب الى الحكومة ابدا، لأنّ المجتمع الدولي لا يثق بالجهّات الرسميّة، خصوصا ان الهدف مساعدة المجتمع اللبناني ككلّ، وستخصص مساعدة للجيش اللبناني وللجمعيات غير الحكومية وللمدارس الجيدة التي تتمتع بالمصداقية والمستشفيات. وذكّر بما قدّمته فرنسا على سبيل المثال بأقساط الطلاب اللبنانيين في الجامعات الفرنسية وبتأميناتهم الصحّية.

في المحصّلة، يتبيّن بعد هذا العرض ان تشكيل حكومة ذات مصداقيّة قادرة على العمل لوقف الانهيار يعتبر أمرًا ملحًّا جدا، فاذا لم يسهل الافرقاء السياسيون ولادتها نحن ذاهبون الى الإرتطام الكبير الذي ستكون له تداعيات اجتماعية كارثيّة لا تحمد عقباها!.