عام مرّ على إنفجار الرابع من آب والجراح لم تلتئم، عام مرّ والمرفأ بعد لم يطوِ صفحة الذكرى الأليمة التي ذهب ضحيتها مئات الضحايا و"الشهداء"، هذه الجريمة لم تسلك طريقها الى المحاسبة بعد، والمسؤولون لا يزالون يتلطّون خلف "حصاناتهم"... والسؤال الأهمّ ألم يحن الوقت لتبريد قلوب أهالي الضحايا واعلان الحقيقة، الا يجب أن يخجل أي مسؤول أمام حجم الكارثة ليقول "نعم للعدالة".

في كلّ زاوية من زوايا المرفأ حكاية ألم، قصص عائلات فقدت عزيزاً أو أكثر. وأنطونيلا حتّي فقدت ثلاثة من فوج الاطفاء هم شقيقها الشهيد نجيب حتّي وابن عمها الشهيد شربل حتي وصهرها شربل كرم. وتروي كيف دفنت العائلة أشلاء شهدائها مرّتين، وتقول "كنا في المنزل سمعنا الخبر وعلمنا أن نجيب وشربل وشربل كرم كانوا في الخدمة في فوج الاطفاء وتوجّهوا الى ​مرفأ بيروت​، توجهنا الى العاصمة للبحث عنهم وأشاعوا خبرا أنّهم أحياء وبخير، جُلنا ​المستشفيات​ كلها ولم نجد شيئا، الى أن تبلغنا في 13 آب أنّهم وجدوا أشلاء تعود لشقيقي وابن عمي وفي 15 آب لصهري"، تروي أنطونيلا بحرقة كيف أنهم "دفنوا الاشلاء وبعد صلاة جنّاز الاربعين اي بعد 17 أيلول عادوا وتبلغوا بوجود أشلاء أخرى فعادوا واقاموا صلاة الجنازة من جديد".

لم يترك إنفجار مرفأ بيروت خلفه ضحايا، بل طبع بصماته على أجساد الجرحى الذين لم يستطيعوا نسيان ذاك النهار. والاعلامية ملفين خوري واحدة منهم، وتروي عبر "النشرة" تلك اللحظات وتشير الى أنها "رأت دخانا وتوجّهت الى الغرفة الاخرى حيث كان شقيقها وفي تلك اللحظة التي حصل فيها الانفجار لم تشعر الا بأشياء تسقط عليها، كسر وجهها من الجهة اليسرى وكتفها واصيبت برجلها والاهمّ خسرت عمّتها في ذاك اليوم"، مطالبة "اليوم باسقاط ​الحصانات​ على أيّ موقع مسؤوليّة مهما يكن، وكلّ شخص يستدعيه القاضي مطلوب أن يحضر الى التحقيق".

في الرابع من آب سيكون هناك مسيرات سيّارة من فوج الاطفاء ومن الاهالي الذين يسكنون في الاحياء المنكوبة، سيتمّ اللقاء عند تمثال المُغترب وبعدها سيتوجه اهالي الشهداء الى المرفأ، ستُقرع أجراس الكنائس وسيعلو أصوات المآذن ويأتي في الختام القداس الالهي. هنا تشدّد ملفين خوري على اننا "كأهالي ضحايا نطالب الجميع بمواكبتنا، لا أخذنا والذكرى الى مكان آخر، فهدفنا أن نصلي لشهدائنا ونرفع الصوت من خلال ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​ الذي سيترأس الاحتفال وكل شيء آخر يخرج عن هذا الاطار لا علاقة لنا به".

بدورها انطونيلا حتّي تؤكد لـ"النشرة" أنه "اذا لم تُرفع الحصانات سيكون هناك غضب على النواب من الشعب وغضب الشعب سينفجر بهم"، لافتة الى أنه في يوم 4 آب سيكون هناك تكريم لأرواح الشهداء ولكن لا نستطيع أن نضبط أحدا"، لافتة الى أنه "عندما نزل الاطفائيّون في الرابع من آب كان همّهم الوحيد أن يفدوا الشعب بأرواحهم فأقلّ ما يجب القيام به هو أن نعرف من قتلهم".

في المحصّلة، جريمة مرفأ بيروت لا يجب أن تمرّ مرور الكرام حتى محاسبة المرتكبين، فهل من يجرؤ على رفع الحصانات وكشف الحقيقة؟!.