لفت ​الرئيس ميشال عون​ في كلمة وجهها إلى اللبنانيين عشية ذكرى انفجار مرفأ ​بيروت​ إلى انه "في عشية 4 آب الذكرى المؤلمة ل​انفجار مرفأ بيروت​، أحيي روح كل شهيد سقط في هذه المأساة الكبرى، وأتعاطف مع كل جريح ومصاب، وكل من فقد عزيزاً أو قريباً، منزلاً أو مُلكاً، وأنحني أمام صمود شعب تجمَّعَت في وجهه كل المآسي". مشيرا إلى انه "من عمق وجداني أقول لعاصمتنا الحبيبة بيروت، ستظهر الحقيقة وسينال كل مُذنب جزاءَه وستَنهَضين من جديد".

ورأى انه "في الرابع من آب من العام الماضي، تمزق وجه بيروت وتمزقت قلوب كثيرة، وفقدت أرواح بريئة ما كان يجب أن تسقط لولا تراكم الإهمال، وتضافر مسؤوليات الكثيرين على مر السنين وعلى مختلف المستويات، الذين كان بإمكانهم اتخاذ إجراءات عملية لإزالة خطر المواد التي أدت إلى هذه الكارثة".

وأكد أنه يشعر بآلام الأهل والأصدقاء "الذين فقدوا أحباءهم في الانفجار، وأنا واحد من الذين فقدوا غالياً يومها". وأضاف "أشعر بغضبهم المشروع، وألمهم الذي ستزيده الأيام حدّة، إذا لم يشعروا بالقول والفعل، ومن خلال الإجراءات العملية، بأن المحاسبة قد بدأت، والمحاكمات ستقتصّ من المشاركين في التسبب بالانفجار، لهذا أقولها بالفم الملآن، من أجل جروحات اللبنانيين المفتوحة، ومن أجل التاريخ: نعم للتحقيق النزيه والجريء وصولاً إلى المحاكمات العادلة. نعم للقضاء القوي، الذي لا يتراجع أمام صاحب سلطة مهما علا شأنه، ولا يهاب الحصانات والحمايات، من أجل تحقيق العدل، ومحاسبة المتسببين بهذا الانفجار".

وأضاف "فليذهب القضاء إلى النهاية في التحقيق والمحاكمات، وأنا معه، وإلى جانبه، حتى انجلاء الحقائق وتحقيق العدالة. وعندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية ، كي لا يوفّر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه. كيف لا وشهداؤنا يستصرخون الضمير، وعيون العالم شاخِصة إلينا والتحدّي الذي يواجهه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار ومعه القضاء لاحقاً، هو كَشف الحقيقة وإجراء المحاكمة وإصدار الحُكم العادل في فترة زمنية مقبولة، لأن العدالة المتأخرة، ليست بعدالة"، مؤكدا انه لا يرى ما يمنع على المحقّق العدلي أن يستجوب من يعتبره مفيداً للتحقيق، "لا سيما وأن المحاكمة العادلة هي التي لا تبَرّئ ظالماً ولا تظلُم بريئاً، لذلك من المناسب ترك التحقيق يأخذ مجراه بعيداً عن الضغوط من أي جهة أتت".

وتوجه إلى أهالي الشهداء، قائلا: "عهدي لأهالي الشهداء، عشية هذه الذكرى الأليمة، أنّ الدماء التي سالت في ذلك اليوم المشؤوم، لن تذهب هدراً، وأنّ الحقيقة آتية ومعها القصاص العادل لكل مسؤول عن هذه الكارثة، وليكن إحياء الذكرى غداً، محطة نستذكر فيها، بصفاء ومسؤولية وحكمة، الشهداء والمصابين والمشردين من منازلهم، بعيداً عن أي تصرّف يمكن استغلاله للعبث بالأمن والاستقرار ويسيء إلى معاني هذه الذكرى المأساوية"..

وعن ملف الحكومة، لفت إلى انني "كنت أتمنى أن تصدر مراسيم التشكيل في أسرع وقت ممكن، لكني أعاهدكم أني سأسعى، يداً بيد مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ووفقاً لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة إنقاذية، قادرة بخبرات أعضائها وكفاءَاتهم ونزاهتهم أن تنفّذ برنامج الإصلاحات المطلوبة والمعروفة".

كما توجه إلى اللبنانيات،واللبنانيين بالقول: "تشعرون جميعاً، وأشعر معكم، بأن ما حصل في السنتين الأخيرتين، من انهيار اقتصادي ومالي مع كل انعكاساته الحياتية، والمعيشية، والنفسية، والأمنية، يكاد يؤشر لانهيار الدولة اللبنانية بكل مقوماتها، ومؤسساتها، ودورها، ووجودها. وقد عمَّق انفجار الرابع من آب هذا الإحساس، وزاده مرارة، وألماً. لكنني اليوم، أقف أمامكم كإخوة، وأبناء، وأصدقاء، وعائلات، وشعب عريق وصامد، لأؤكد لكم أن الآلام تنتهي بفجر جديد، وأننا قادرون معاً بتعاوننا، وصبرنا، ومن خلال وضع آليات الحل على السكة الصحيحة، عبر تشكيل حكومة واعدة، والتحضير لانتخابات نيابية ترسي بذور التغيير الحقيقي، تساعد على تجاوز الحاضر المؤلم، والنهوض تدريجياً من الأزمة التي تمزق وطننا وقلوبنا وهناء حياتنا. نعم، نحن قادرون على ذلك، والأمل لم يكن يوماً مرادفاً للوهم، حين نرفقه بالوعي، والعمل، والتضامن، والعزم. نحن قادرون على النهوض. فلنتمسك بوحدتنا، ولنفتح صفحة جديدة تعيد لبنان إلى خريطة الابتكار، والنمو، والمنافسة، وتعيد لشبابنا الأمل بوطنهم، والرغبة بالبقاء فيه، وإعادته وطن الحضارة، والفرح، والإبداع".