لا يزال قرار حاكم مصرف ​لبنان​ وقف الدعم عن ​المحروقات​ يشغل بال اللبنانيين، نظراً إلى التداعيات الكارثيّة التي سيتركها على كافة المستويات، في ظلّ تقاعس الطبقة السياسية عن القيام بالحد الأدنى من واجباتها، لتفادي الاستمرار في المسار الإنحداري، على الأقل من خلال العمل على تشكيل ​حكومة​ بأسرع وقت ممكن، بينما فشل الاجتماع الذي عقد في ​القصر الجمهوري​ في الوصول إلى نتيجة حاسمة حول هذه المسألة.

في هذا السياق، كان من اللافت أنّ ​مصرف لبنان​ أعاد التأكيد على أنه دفع مايفوق 800 مليون​دولار​للمحروقاتفيالشهرالمنصرم، فيما لا تزال المواد مفقودة من السوق وتباع بأسعار تفوق قيمتها حتى في ما لو ​رفع الدعم​ عنها، الأمر الذي طرحت حوله الكثير من علامات الإستفهام بالنسبة إلى حجم حاجة السوق من المحروقات في الشهر الواحد، مع العلم أنّ الرقم من الطبيعي أن يرتفع في ظلّ استمرار عمليات ​التهريب​ والتخزين.

في البداية، يبتسم رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط ​جورج فياض​، في حديث لـ"النشرة"، لدى سماعه بالرقم المعلن من جانب مصرف لبنان، ويصفه بـ"الغريب والعجيب"، ويضيف: "لا أعتقد أنه يتحدث عن المحروقات فقط أو عّما إذا كان قد دفع عن أشهر أخرى أيضاً"، لكنه يلفت إلى ضرورة التمييز بين الدفع وإعطاء الموافقات المسبقة، حيث أنّ الشركات تأخذ موافقة مسبقة على الاستيراد، ويضيف: "هو أعطى 10 موافقات مسبقة، لكن رقم 800 مليون دولار غير طبيعي ولا نعرف من أين جاء به، إلا أننا لا نريد الدخول في جدال لا طائل منه".

ويشير فياض إلى أن لبنان بحاجة إلى 400 ألف طن من المحروقات في الشهر (200 ألف من كل صنف)، ويلفت إلى أنّه لا يستطيع أن يحدّد ​الأسعار​ بشكل دقيق لأنّها غير ثابتة بل هي عبارة عن تقديرات، لكنه يوضح أنّحجم السوق في لبنان كان يبلغ، بحسب التوقّعات، ما بينالمليارين والمليارين ونصف مليار دولار سنوياً، وبالتالي لا يمكن أن تصل فاتورة الإستيراد إلى 800 مليون دولار عن شهر واحد، ويتابع: "عدد ​البواخر​ التي دخلت في كل شهر معروف، ومن الممكن ضرب هذا العدد بقيمة الباخرة (20 مليون دولار) لمعرفة القيمة الحقيقة".

من جانبه، يشير عضو نقابة أصحاب محطّات المحروقات ​جورج البراكس​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن لبنان عادة بحاجة إلى ما بين 250 و300 مليون دولار في الشهر الواحد، لكنه يلفت إلى أنه قد يكون هذا الرقم حقيقي في حال كان هناك بواخر إضافية وصلت هذا الشهر بسبب وجود نقص في الشهر الذي سبقه، إلا أنّه يؤكد أن هذا الرقم لا يمكن أن يكون هو المعدّل الشهري بأيّ شكل من الأشكال.

وفي حين يلفت البراكس إلى أنّه لا يستطيع الحكم على الرقم بشكل مطلق على اعتبار أنه غير مطلع على الأرقام الموجودة لدى مصرف لبنان، وبالتالي هو لا يستطيع أن يعتبر أنّه غير حقيقي أو منطقي، إلا أن المعدل الذي تحدث عنه هو الذي يتم صرفه في لبنان، لكنه يفضّل ألاّ تكون المقارنة على أساس حجم الدولارات المدفوعة، بسبب التغيّر الذي حصل في سعر برميل ​النفط​ عالمياً، ويعتبر أنّ المطلوب هو عرض الأرقام منذ بداية العام حتى اليوم.

بالنسبة إلى مصير ​الأزمة​ الحاليّة، بعد قرار مصرف لبنان رفع الدعم وموقف رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ حسّان دياب الرافض لهذا الأمر، بالإضافة إلى تأكيد المديرية العامة للنفط أنّ جدول تركيب الأسعار، الذيصدرالأربعاء، هوالسائد والملزم للمنشآت والشركات والمحطات معاً في عمليتي البيع والتوزيع، يشير البراكس إلى أنّ اليوم هناك قرارين ما يفرض إنتظار كيفيّة تعامل مصرف لبنان مع البواخر التي ستأتي، حيث يوضح أنّتلك التي وصلت، بالإضافة إلى المخزون الموجودة، من المفترض أن تسلّم وفق الطريقة الموجودة.