أصدرت دار الفتوى في طرابلس والشمال فتوى بتحريم استغلال الناس عن طريق السوق السوداء، جاء فيها: "في هذه الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة جدا على المواطنين والتي لا يستطيعون فيها تأمين متطلباتهم وحاجياتهم الحياتية الأساسية إلا بشق الأنفس، يعمد بعض الناس إلى المتاجرة بالأساسيات الحياتية كالمحروقات والغاز والخبز فيحصلون عليها بأسعارها الطبيعية ويبيعونها بأسعار مضاعفة للناس بهدف المتاجرة والربح".

ولفت الى إن دار الفتوى في طرابلس والشمال تعلن وتؤكد أن هذا النوع من التجارة، محرم شرعا، وما ينتج عنه من ربح، ليس بربح حلال، وعلى من يفعله التوقف عن هذا النوع من التكسب.

أما أدلة ذلك وتفصيله (للمتخصصين) فنقول: إن تحريم ذلك هو من ناحيتين:

الناحية الأولى: إن تدخل أي وسيط خارجي لإغلاء الأسعار على الناس بحيث أنه لو لم يتدخل لحصل الناس على سلعهم بالسعر العادي وبحيث أن تدخله يضر بالناس ولا حاجة له سوى جنيه للأرباح، هذا التدخل هو أمر منهي عنه شرعا وكسبه حرام، وهو المعروف عند الفقهاء بـ (تلقي الركبان ) و(بيع الحاضر للباد ) وأمثالهما مما ورد النهي عنه في أحكام البيوع من السنة النبوية الشريفة، وهو المعروف في التسمية الحديثة بالسوق السوداء، فالسلع والمواد التي تطرح في الأسواق أو المحطات إنما تطرح ليستعملها الناس مباشرة وليس للمتاجرة بها من جديد لدرجة شحها في الأسواق على الناس.

الناحية الثانية: استغلال حاجة الناس إلى هذه السلع بعد تعريضها للتناقص والفقدان من الأسواق بسبب المتاجرة المشار إليها أعلاه، والاستغلال هو أخو الاحتكار المنهي عنه ونوع منه ومثله في الحكم التحريمي بلا شك في ذلك، لأنه يؤدي إلى الضرر ذاته على الناس، وهو يناقض التراضي المشروط في التجارة الحلال بقوله تعالى: "يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم". فصاحب الحاجة مضطر للشراء وهو غير راض ولا تطيب نفسه بدفع السعر الأغلى، وقد جاء في الحديث: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه".

والخلاصة أن شراء المواد من الأسواق بحيث تتناقص على الناس بهدف بيعها بسعر أعلى هو عمل غير جائز شرعا وكسب غير مشروع. والله أعلم".