طبعاً هناك مشكلة كبيرة يعاني منها لبنان ظاهرها إرتفاع اسعار السلع وإنعكاس ذلك على المواد الموجودة في الأسواق، لكن باطنها جشع كبير وطمع التجار وأصحاب المحال وصولاً الى حدّ إذلال الناس... اليوم ​أزمة الخبز​ كبيرة جداً وهي فتحت الباب واسعاً على عمل هذا القطاع الذي بات يعاني من النصب والاحتيال والفلتان في الأسعار على غرار السوق "الداشر الفلتان" في أسعار السلع الغذائيّة!.

عندما تجول على المخابز والأفران تجد الحلويات موجودة لكن الخبز مفقود، وأول ما يتبادر الى الأذهان كيف لمن لا يستطيع صنع الخبز أن يصنع الحلويات. فيجيب مسؤول في أحد الأفران (نتحفّظ عن ذكر اسمه) بالتأكيد لـ"النشرة" على أن "لا دخل لصناعة الخبز بصناعة الحلويات، فالخبز يصنع في "بيت النار" وبيت النار يحتاج الى ​المازوت​ ليعمل، أما الحلويات كالكرواسان وغيرها لها أفران خاصة تُصنع فيها وهي تعمل على ​الكهرباء​ وبعض الأفران الاخرى تعمل على ​الغاز​"، مؤكدا أن "هذا الامر دفع الى عدم القدرة على صناعة الخبز فيما بقيت صناعة الحلويات مستمرة"، وكأنّ مولّدات الكهرباء تعمل بالصلاة على الماء والهواء وليس على المازوت؟!.

أكثر من ذلك عندما تقصد أياً من محلات الحلويات يشبع نظرك وتقف نبضات قلبك فقط نتيجة الأسعار الخيّالية للحلويات، فبالأمس كان قالب الحلوى لـ10 أشخاص بحوالي 70 الف ليرة اليوم تجاوز سعره 400 ألف ليرة وأكثر، ما يعني ثلث راتب شخص... فهل نشتري حلويات أم ذهباً؟.

من لا يدرك كيف تُصنع الحلويات يعتبر أن الاسعار المرتفعة هي طبعا نتيجة إرتفاع أسعار السلع وغيرها، ولكن المفاجأة الصادمة تكون عندما يأتيك الجواب على لسان الشيف عماد معراوي وهو الخبير بصنعها فيؤكد لـ"النشرة" أن "ما يحصل في الباتيسري يفوق الوصف، فقالب الحلوى لعشرة أشخاص الذي لا يقل سعره عن 400 ألف ليرة وما فوق لا يكلّف أكثر من 40 ألف ليرة، فماذا نسمّي هذا الأمر"؟.

يشرح الشيف عماد معراوي أن "قالب الحلوى الذي نتحدث عنه يحتاج كوب ونصف سكر (9 الآف ليرة)، أربع بيضات (8 آلاف ليرة)، كوب ونصف طحين، كوب حليب أو كوب عصير مع الفانيلا أو الباكينغ باودر وهذه كلها لا تكلّف أكثر من 40 ألف ليرة"، أكثر من ذلك يضيف: "الكريما على القالب وبعد أن تخفق يزيد وزنها تصبح 3 ليتر، الشوكولا يوجد في لبنان صناعة وطنيّة"، ولكن المفارقة بحسب معراوي أن "أصحاب الباتيسري يبيعون قوالب الحلوى ويحمّلون كلّ ​الغلاء المعيشي​ الموجود في السوق لناحية ارتفاع سعر ​المحروقات​ واليد العاملة والكهرباء وغيرها من الامور للناس عبر اللجوء الى رفع سعر قالب الحلوى بشكل جنوني".

أهمّ من ذلك إضافة الى الخبز، هناك مثلاً الكعك (400 او 500 غرام) الذي يصل سعر الكيس حالياً الى حوالي 11 ألف ليرة بحسب ما يؤكد أحد المسؤولين في أحد الأفران. والسؤال هنا "على ماذا يحتوي الكعك ليرتفع سعره بهذا الشكل"؟. بكل بساطة وأيضا بحسب الشيف معرّاوي على خلطة عجين، سمنة، رشة ملح ورشة سكر، أيّ لا يوجد فيه أيّ تكلفة تجعل سعره يصل الى 11 الف ليرة"، مشيرا الى أن "سعر كيس الكعك على أبعد تقدير لا يجب أن يزيد عن 4 آلاف ليرة".

ما نعيشه في الوقت الحاضر يختصر بكلام بسيط، "التجّار تأكل الناس" عبر رفع الأسعار، فيتمّ اعتماد سياسة الغلاء الفاحش أو الفوضى دون حسيب ولا رقيب، والحقيقة أن المواطن اللبناني وحده من يدفع ثمن ضروب النصب والاحتيال ضمن كارتيلات الأفران ومخابز الحلويّات، وهنا لا بدّ من السؤال لماذا لا يُقاطع المواطن من يسرقه ليجبره للعودة الى ضميره هذا اذا كان في قاموسه من ضمير!.