لا شكّ أن الإنفجار الذي حصل في ​مرفأ بيروت​ (4 آب 2020) غيّر الحياة بشكل كامل في لبنان، فما قبل هذا التاريخ ليس كما بعده، فذلك "الزلزال" المدوّي قضى على مئات الأرواح البريئة ونسف ​الإقتصاد اللبناني​ بضربه لأحد أبرز المعالم الإقتصاديّة فيه.

يعدّ المرفأ الشريان الحيوي في لبنان لناحية الاستيراد والتصدير وغيرها من المعاملات، هذه كلّها أصيبت بالعمق نتيحة عدم تمكّنه من معاودة عمله ولو بشكل جزئي أولا لناحية الاضرار، وثانياً لأن أغلب "الفريش دولار" يأتي عبر الوكالات البحريّة التي تدفع أموالها في المحكمة نتيجة دعوى جزائية.

بعد إنفجار المرفأ تقدّم أهالي ضحيتين بدعوى جزائية مطالبين ادارته بتعويضات نتيجة وفاة شخصين من عائلتهما والنتيجة كانت أن حكمت المحكمة بمليوني دولار عن كلّ ضحية أيّ أربعة ملايين دولار. يشرح مدير مرفأ بيروت عمر عيتاني عبر "النشرة" أنه "ومنذ عام تقريباً 83 وكالة بحريّة محجوز عليها نتيجة الدعوى وهي تدفع 10% من قيمة المصاريف المحلّية بـ"الفريش دولار" في المحكمة والمرفأ لا يستفيد منها بشيء، مع العلم أننا اليوم بأمس الحاجة الى "الفريش دولار" لاعادة التشغيل والدفع الى المتعهدين وغيره، وهذه كلها متوقفة".

يشير عمر عيتاني الى أنّ "المبلغ الموجود في المحكمة حاليًّا تجاوز الأربعة ملايين دولار والوكالات البحرية لا زالت تدفع للمحكمة ولا نعرف لماذا، ولماذا لم يفك القاضي الحجز"؟!، لافتا الى أن "نقيب المحامين ملحم كرم هو الذي يرافع عن أحد أهالي الضحايا وهو يطالب إما بالدفع أو الحجز على المرفأ، وهنا الجدل والنزاع القانوني، فنحن نقول إننا نتبع للدولة ونقيب المحامين يصرّ على ان الهيئة الموقّتة لادارة المرفأ ليست كذلك، بل هي هيئة انشأت لادارته لصالح الدولة"، مضيفا: "هنا حصل الجدل المذكور وذهبنا الى الاستئناف واصطدمنا باضراب المحامين"، متسائلا "كيف لذلك أن يحصل، فهل يعقل أن تقوم الدولة بالحجز على نفسها"؟.

على هذا الكلام يأتي الجواب على لسان المحامي ​وديع عقل​ الذي يشير عبر "النشرة" الى أن "الهيئة الموقّتة لادارة مرفأ بيروت أُنشأت بقرار حكومي، وعيّنها وزير الأشغال، وهذا وحده كافٍ لينهي الجدل ويؤكد أن الهيئة تتبع للدولة"، ويذهب أبعد منذ ذلك ويتطرّق الى مسألة الحجز على أموال الهيئة في المحكمة عبر دعوة الشركات البحريّة الى دفع "الفريش دولار" لدى المحكمة رغم أن المبلغ المطلوب تأمّن، ويسأل "لماذا الحجز على أموال الهيئة بهذا الشكل؟، مضيفا: "الفريش دولار" يدفع في المحكمة ودونه سيتوقف العمل في المرفأ، فهل هذا مقصود؟، أكثر منذ ذلك يسأل عقل "لماذا تبقي المحكمة على قرار دفع الوكالات البحريّة لديها اذا تأمّن المبلغ المطلوب؟ فهل هذا إهمال من قبل القاضي أم يشي بشيىء آخر؟ المغزى أن هذا الاجراء ملتبس وأدى بشكل أو بآخر الى توقّف العمل بشكل جذري في المرفأ.

إذاً، حتى الساعة أموال هيئة ادارة مرفأ بيروت محجوزة لدى المحكمة رُغم أن المبلغ تأمّن، ليبقى السؤال "هل الهدف من هذا الاجراء توقيف العمل بشكل كامل؟ وهل يكون مرتبطاً بشكل أو بآخر بمفاوضات إعادة بنائه بعد الانفجار؟.