أِار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، إلى أنه "اليوم ما زلنا نبني المساجد ولله الحمد. ونشارك بإيجاب في المحافظة على الوطن واستقراره، ولا نشارك في خلق الاضطرابات، أو نوقع الضرر بالاستقرار، ولا بمقتضيات العيش المشترك الحرصاء عليه، ومع هذا، فإن مناخ الإحباط السائد في البلد، سببه عدم تشكيل حكومة ترعى مصالح الناس حتى الآن، فالوقت الذي هو من عمر اللبنانيين، يضيع بين مشاورات ولقاءات، فيها الكثير من التعنت والتصلب ومحاولة إلغاء الآخر، والوطن على شفا جرف هار، وهم لا يزالون يبحثون عن مكتسباتهم التي لا قيمة لها إذا خسرنا الوطن".

وخلال افتتاح مسجد محمد البساتنة في مستديرة شاتيلا بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، رأى دريان أن "التخبط السياسي والاجتماعي والمعيشي الذي نعيشه مؤلم، وأوجع كل الناس، وأرهق كاهل المواطن الذي يعاني الأمرين وهو صابر، ونخشى بعد هذا الوقت الطويل أن ينفد صبر اللبنانيين، ونقع جميعا في أتون الفوضى الشاملة، التي بدأنا نرى مظاهرها في شتى المجالات، ولا نرضى أن نكون شهود زور على ما يحصل في بلدنا، فالأمر يحتاج إلى معالجة جدية وفورية، والترقيع لا ينفع، فما جرى من انفجار مرفأ بيروت، وانفجار صهريج المازوت في عكار، والاشتباكات المتنقلة في بعض المناطق اللبنانية، سببها هذا الترقيع".

وتابع: "فلنقلع عما نحن فيه من تخبط، وإلا فإنا ذاهبون فعلا إلى الأسوأ وإلى الانهيار الشامل". وتوجه لرئيس الجمهورية ميشال عون ينصيحة قائلاً: "حاول أن تنقذ ما تبقّى من عهدك، وإلا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ وإلى أبعد من جهنّم إلى قعر جهنّم كما بشّرتنا".

وشدد على أن "موقع رئاسة الحكومة لا يقل أهمية وقدرا عن أي موقع رئاسي آخر في لبنان، فاحترامه واجب، ونحن حرصاء على أن يبقى هذا الموقع مصانا، حفاظا على التوازن بين مواقع الرئاسات الثلاث. والتصويب على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان ديان، أمر مستهجن، وغريب عن أصول التعامل والتخاطب مع رئاسة الحكومة".

كما أكد أن "الإصرار على هذا النهج من قبل البعض في السلطة القضائية، التي لا نتدخل في عملها، يسيء إلى أصول مفهوم التعامل مع الرئاسة الثالثة، في قضية انفجار مرفأ بيروت، فلترفع كل الحصانات بإصدار قانون من المجلس النيابي بهذا الخصوص، ولتأخذ العدالة مجراها أصولا على الجميع بعيدا عن الانتقائية والاستنسابية والكيدية".

وأوضح دريان أنه "علينا أن نترفع عن الترهات التي ترافق كل تكليف ، كما ترافق تكليف ميقاتي، الذي جاء بناء لرغبة النواب الذين سموه، وبتزكية من رؤساء الحكومة السابقين، ومباركة من دار الفتوى، التي لا تميز بين أبنائها، بل هي ترجو الخير للجميع، نحن في بلد التعايش الإسلامي المسيحي، نرفض أن نميز بين لبناني وآخر، وما يحكى اليوم عن أن المسلم يسمي المسلم، والمسيحي يسمي المسيحي في الحكومة العتيدة، هو أمر خطير ومفرق، وينبغي تداركه، ولا نرضى أن تساس الأمور هكذا، وكأننا نعيش في جزر داخل جزر، لا في دولة واحدة، ومعاييرنا وطنية بامتياز، وليست معايير طائفية".

وأضاف: "فلنترفع عن هذا المنطق الأعوج، ولننظر بمنظار الحكمة التي تؤيد هذا المنطق، وإلا فسوف يمزق الوطن أكثر مما هو ممزق، خصوصا وأن شبابه ومثقفيه، أمل المستقبل، يهاجرون، فمهلا يا شباب لبنان، وطنكم بحاجة إليكم، وأنتم مطالبون بالوقوف إلى جانبه في محنته، والأوطان في الأزمات، لا ينقذها ولا ينهض بها إلا شبابها، وكذلك شيبها، فإذا هاجرتم اتسعت رقعة الفراغ التي سيستغلها المتربصون بالوطن، والمستغلون ضعفه في أزماته، فماذا أنتم فاعلون؟".

إلى ذلك، رأى أن "المحنة طالت الجميع، فهل نترك جميعنا الوطن؟ أم نتشبث في أرضنا ونصبر، ونعمل على تذليل كل الصعاب التي تواجهنا؟ كلنا يعلم مدى الإذلال الذي يعانيه شعبنا اليوم لتأمين لقمة عيشه ودوائه ومحروقاته، فهو حتما نتيجة سياسات الدولة الضعيفة والخاطئة، التي قصرت في أداء دورها للقيام بما هو مطلوب، ومعالجة ما استجد بالطرق العلمية التي تعتمدها دول كنا قديما نسبقها ، فإذا هي اليوم في مصاف الدول المتقدمة".