كلنا يدرك أن لبنان يمر بأسوأ وأقسى أزمة عرفها في تاريخه الحديث، في المقابل ماذا تفعل حكومة تصريف الأعمال؟ سؤال يطرح؟ فهي عوضا من ان تنشئ خليّة أزمة تعمل ليل نهار للتخفيف ما أمكن من معاناة المواطنين؟تترك الناس يموتون جوعا وذلاًّ بحجّة أنها لا تخالف الدستور وأنها تصرّف الأعمال في النطاق الضيّق؟ هل يجوز ان تكون شاهد زور على الإجرام الذي يرتكب في حق اللبنانيين؟مهما كانت الأسباب والدوافع حتى لو كان الهدف الضغط كي تتشكل حكومة جديدة علما أنّ تشكيلها بالطبع ضرورة ملحّة للبلد، ولكن هل من الجائز ألاّ تفعل الحكومة شيئا؟.

يتمنّى مراقبون متابعون للملف اللبناني"ألا ّتفعل شيئا لأنها كلما اتخذت قرارا او اجراء ما تزيد الامور سوءًا وتأزما. "لنأخذ على سبيل المثال قرارها زيادة بدل النقل والمساعدة الاجتماعية لمرة واحدة وعلى دفعتين للقطاع العام والذي سارتفيه الهيئات الإقتصاديّة في شق زيادة بدل النقل،فمع العلم انه محق نظريا لكن ما هي تداعياته على الكتلة النقديّة والتضخّم المتفلّت في مستوى الاسعار ونتائجه المأساوية؟.أقل ما يقال فيه انه اجراء ارتجالي "ترقيعي" غير مستند الى اية دراسة علمية تذكّرنا بسلسلة الرتب والرواتب ومفاعيلها على الإقتصاد،وكيف شعر الناس ان الحكومة أعطتهم في يد وسلبتهم اياه في اليد الاخرى!أبهذه الطريقة تعالج أزمة متجذّرة بهذه الخطورة بدل إيجاد حلول شاملة وناجعة لتحسين قدرة المواطنين الشرائية بالسياسات الماكرو إقتصادية المطلوبة؟ألا يفترض بها في هذه المرحلة،بالحد الأدنى مكافحة التهريب والتخزين والاحتكار بحزم والعمل على تخفيض الأكلاف كما ذكرت جمعية تجار بيروت في بيانها الاخير؟.

في هذا السياق رأى رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس في حديث خاص لـ"النشرة" أن الحكومة متقاعسة للآخر عن القيام بأي شيء! وكانبامكانها انجاز العديد من الملفات مثل قانون موازنة 2021، التي نقحتها الجمعية وكان لها بعض الاقتراحاتعليها، وكانت تتضمن تحفيزات وإعفاءات ومساعدات للشركات الناشئة،لكن على ارض الواقع توقف العمل عليها بالكامل. وسأل شماس عن البطاقة التمويلية ولماذا لم نرَ آلية التطبيق حتى اليوم؟أَلعدم الإتفاق؟ سيّم أن الوضع لا يحتمل اي تأجيل او مماطلة؟!.

وشرح كيف كان ممكنا للحكومة أن تعمل على التعيينات في السلك القضائي على سبيل المثال لا الحصر، وعلى موضوع ترسيم الحدود البحرية، واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد. وتابع، اليوم نسمع اننا قد لا نتمكن من الاستفادة من حقوق السحب الخاصةلأموال 860 مليون دولار في غياب ملس وزراء ناشط. ووجّه شماس اللومالكبير والتقصير الهائل على الحكومة المستقيلة كاشفًا عن توجّه كتلٍ نيابيّة لرفع دعاوى على وزرائهالملاحقتهم بسبب التقاعس عن تحمّل مسؤولياتها. واشترط شماسأن يحمل أي وزير في الحكومة المقبلة صفة رجل دولة اولا لأن كل ما شهدناه هو تدابير منفردة ومجتزأة لا تصحّ، مع العلم اننا في خضم عاصفة اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة.

من جهته كانت رؤيّة رئيس المجلس الوطني للإقتصاديين اللبنانيين صلاح عسيران متقاربة من وهة نظر شمّاسبقوله أن لا يوجد نص قانوني يبرر عدم عمل الحكومة الحاليّةأمام منظر الخراب والجوع والفقر والفلتان، مع العلم أن النصوص مطّاطة ورمادية وقابلة للاجتهاد والتفسير،متسائلاً عن الضمير والحس بالمسؤولية عند المسؤولين؟ وحول ما اذا كان لديهم القصد الاحتمالي لأذى البلد ويتصرفون على هذا النحوعن نيّة مسبقة او تقصير فاضح. ورأى أن المعالجات الصغيرةتشبه اعطاء مسكن لمريض يصارع الموت في العناية الفائقة، وما تفعله الحكومة هو أقل من الأقلّولا يرضي أحدا ولا يعالج شيئا،لافتًا الى أنّ اية مساعدة اجتماعية للقطاع العام لا تفي بالغرض في غياب البنية التحية،في ظلّ عدم وجود كهرباء ولا تكييف أو انترنت وقرطاسية. وتساءل،ماذا تفعل مساعدة اجتماعيّة حين تتدهور القيمة الشرائيّة الى هذا الحدّ؟ وعن زيادة بدل النقل قال عسيران لـ"النشرة" انها "رمية من غير رامٍ"!.

وطالب بوجوب وضع خطة حلّ شاملة متكاملة، والمسارعة للقيام بالترتيبات الاولية للحكومة القادمة،وبرفع الدعم تدريجيًّا مترافقا مع خطة نقل وهي ليست بمستحيلة ويمكن للحكومة الحالية القيام فيها بدل ان تتفرج على الكارثة التي نتخبّط فيها.

بناء على ما تقدم صحيح أن الكثير الكثير يمكن لحكومة تصريف الاعمال القيام به لكن للأسف ينشغلون بجنس الملائكة وبكل وزير من حصة من يجب ان يكون. أنهم مسؤولون بلا مسؤولية أنها فعلا لجريمة يجب ان يحاسب عليها القانون!