تمرّ الأسابيع في لبنان ثقيلة، حيث يزداد وجع الناس، من دون وجود آمال بغدٍ أفضل. كان يُفترض أن تتألف حكومة جديدة في الأيام الماضية. كان اللبنانيون يعتبرون ان الإنسجام، أقلّه في الشكل، بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، سيؤدي الى الإفراج عن تشكيلة الحكومة، لكن العقبات المُستترة خلف حسابات سياسية، بقيت تؤجل ولادة الحكومة.

أظهر الاجتماعان الأخيران الماضيان في بعبدا أن كلاًّ من عون وميقاتي يسعيان جدّياً للإفراج عن الحكومة، لكن رئيس الحكومة المكلّف أطلّ تلفزيونياً عبر فضائيّة عربية ليلمّح إلى أن رئيس الجمهورية يحاول العودة الى ما قبل اتفاق الطائف. ماذا يعني هذا الكلام؟ يمكن تفسيره بأنّ رغبة عون في لعب دوره الدستوري كونه رئيس البلاد، في إختيار وزراء الحكومة او رفض اسماء محددة، يعتبره ميقاتي "تعدٍّ" على دوره كرئيس مكلّف تأليف الحكومة. يُضاف الى ذلك ما يُنقل عن رؤساء الحكومات السابقين عن "عدم السماح بأن يختار عون وزراء خارج حصّته الثماني حقائب"، ومنهم وزير العدل الذي يشكّل عقدة صعبة تعيق ولادة الحكومة لغاية الساعة.

في اجتماع آخر الاسبوع الماضي، لم يكن الموفدون بين عون وميقاتي توصلوا الى الاستحصال على اسم وفاقي لوزارة العدل. سبق وكان طرح رئيس الجمهورية اسماء عدة رفضها رئيس الحكومة المكلّف بحجة انها تدين الولاء لرئيس الجمهورية او للتيار "الوطني الحر". وعندما فتح عون وميقاتي النقاش بشأن الوزراء، قدّم رئيس الحكومة المكلّف اسم مروان زين وزيرا للداخلية والبلديات فرفض رئيس الجمهورية، عندها كتب ميقاتي على ورقة سبعة اسماء(من دون ان تضم اللائحة اسم اللواء ابراهيم بصبوص الذي رفض ترشيحه للحقيبة لأسباب شخصيّة وعائليّة)، واعطى ميقاتي الورقة لرئيس الجمهورية طالباً منه ان يختار اسماً مناسباً. بعدها، طلب رئيس الحكومة المكلّف من رئيس الجمهورية مجموعة اسماء لحقيبة العدل كي يختار منها ميقاتي اسماً، فإستمهل عون الإختيار. هنا تكمن ابرز عقدة. هناك خشية تلوح في اجواء رؤساء الحكومات السابقين الذي يشكّل ميقاتي ركناً في مجموعتهم، ان يقدّم رئيس الجمهورية وزيراً للعدل يشكّل الرقم تسعة في حصّة عون، الذي يملك حينها "الثلث المعطّل". لذلك يرفض ميقاتي ان يقدّم عون اسماً معيّناً محسوباً عليه. وتتحدّث معلومات عن اللجوء الى الاستقصاء الدقيق عن أيّ اسم مطروح لتولّي تلك الحقيبة. فمتى يمكن الوصول الى اسم مستقل وفاقي؟.

تتحدث مصادر عبر "النشرة" عن الاستعانة بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، بصفته وسيطاً نزيهاً ومحايداً، كي يجد حلاً وفاقياً. يستطيع ابراهيم ان يُخرج ارنباً عادلاً، ويتم الاتفاق بعدها بين عون وميقاتي على اسم وزير العدل. لكن هل يتم الافراج عن الحكومة بعدها؟.

لن تقتصر مهمة الوسيط على العدل، لأنّ بمقدور مدير عام الامن العام ان يرفع لواء الحكومة، بتعبيد طريق ولادتها بعد ازالة المطبّات من امامها. يحظى ابراهيم بدعم سياسي واسع من كل الافرقاء، وبرضى شعبي عام.

لذلك فإن الآمال معلّقة على جهود مدير عام الامن العام الذي سبق ونجح في اصعب المهام التي كلّف بها.