توحي مختلف المعطيات بأن منسوب التفاؤل في قرب تشكيل العتيدة تراجع كثيراً مع بداية الاسبوع الحالي، لا سيما بعد التوترات التي حصلت، في الاسبوع الماضي، على أكثر من صعيد، خصوصاً على محور العلاقة بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ونادي رؤساء الحكومة السابقين، الأمر الذي زاد من الضغوط على رئيس الحكومة المكلّف ​نجيب ميقاتي​.

في الأيام الماضية، برزت المعلومات عن دخول مدير عام الأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​ على خط المفاوضات القائمة، بهدف تقريب وجهات النظر بين كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، إلا أن الأجواء الحالية توحي بأن المهمّة لن تكون سهلة على الإطلاق، نظراً إلى أن العقبات تتجاوز النزاع على الحقائب والأسماء.

في هذا السياق، لدى مصادر سياسية مطّلعة قناعة بأن الأجواء الخارجية والمحلية غير مساعدة على الوصول إلى حلّ في وقت قريب، نظراً إلى أن التعقيدات التي طرأت في المرحلة الماضية، لا سيما بالنسبة إلى معطى استيراد ​المحروقات​ من إيران، حيث باتت جميع القوى تنتظر كيفية التعامل مع الباخرة الأولى، نظراً إلى إقتراب موعد وصولها إلى مياه البحر الأبيض المتوسط.

وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن ليس من السهل على رئيس الحكومة المكلف التعامل مع هذا التطور في حال كان في موقع المسؤولية، خصوصاً أنه يضع على رأس قائمة أولوياته معالجة الخلل الذي حصل، في الفترة الماضية، على مستوى علاقات لبنان الخارجية، وبالتالي هو يفضل أن يمرّ هذا القطوع في ظلّ حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة ​حسان دياب​.

من وجهة نظر المصادر نفسها، كيفية التعامل مع الباخرة ستظهر بشكل واضح إمكانية توفر الظروف الخارجيّة المساعدة على التأليف، نظراً إلى أن هذه العقدة أكبر من الساحة المحلية، حيث المنتظر هو معرفة الموقف الأميركي من التصعيد الإيراني في هذا المجال، على اعتبار أن قرار استيراد ​النفط​ من ​طهران​ هو من القرارات الإستيراتيجيّة على مستوى المنطقة، التي لا يمكن التعامل معها بخفّة.

بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر السياسية المطلعة إلى ملف آخر لا يقل أهمية يكمن بقرار ​رفع الدعم​ عن المحروقات بشكل كامل في نهاية شهر أيلول الجاري، وتؤكد أن رئيس الحكومة المكلّف لا يريد أنّ يتمّ ذلك في ظلّ حكومته، نظراً إلى أنه سيكون بمثابة أول ضربة يتعرّض لها على المستوى الشعبي، بينما هو يراهن على أن يؤدّي ​تأليف الحكومة​ إلى إحداث صدمة إيجابيّة في الواقعين الاجتماعي والاقتصادي.

وفي حين تؤكد المصادر نفسها صعوبة الحسم في الملف الحكومي قبل حسم هاتين المسألتين، تشير إلى أن العقد المتعلقة بالتوازنات الداخلية لا تقل أهمية، خصوصاً في ظل المواجهة المستمرة بين "التيار الوطني الحر" وأركان من يصفهم بـ"المنظومة"، حيث من المفترض التعامل معها بكل هدوء لمعالجة العقد الناجمة عنها، لا سيما أن المعادلة هي بين رغبة رئيس الجمهورية في ولادة حكومة تكون ناجحة في العام الأخير من ولايته، وسعي مجموعة واسعة من الأفرقاء إلى كسره في توازنات تشكيلها.

في المحصّلة، تجزم هذه المصادر بأن العقد المتعلقة بالأوضاع الداخلية لن يكون من الصعب معالجتها بعد الإنتهاء من تلك المتعلقة بالتوازنات الخارجيّة، نظراً إلى وجود مصلحة مشتركة في الوصول إلى تشكيل حكومة تقوم بالحدّ الأدنى من الخطوات التي تمنع الوصول إلى الفوضى الشاملة، وبالتالي هي ترى أن فرص الوصول إلى تسوية قائمة، لكن تستبعد أن يحصل ذلك في النصف الأول من أيلول، حيث من المفترض أن تتضح العديد من العوامل المؤثرة.