مع تضارب المعلومات حول الوضع الحكومي وتأرجحه بين التفاؤل والتشاؤم، عاد الطرح الذي كان تقدم به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بعبدا خلال احد لقاءاته مع رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ (لجهة تشكيل حكومة اقطاب)، الى الواجهة مع تسريب معلومات حول فكرة تراود رئيس ​الحكومة​ المكلف ​نجيب ميقاتي​ التقدم بتشكيلة حكومية من 14 وزيراً، تضم مجموعة مدمجة من قيادات الصف الاول والصف الثاني للاحزاب والتيارات السياسية. ولم تكتف التسريبات بهذه الفكرة، بل ارفقتها بلائحة الاسماء المقترحة، في مسعى لم ينفه ميقاتي ولا مكتبه الاعلامي ولا مصادره، على غرار ما كان يحصل منذ تكليفه، لجهة اصدار نفي للعديد من المعلومات والطروحات التي كانت تظهر في وسائل الاعلام.

ولم تلقَ هذه الفكرة ارتياحاً لدى مصادر متابعة لملفّ التشكيل الحكومي، لانّها رأت فيها مخرج اعتذار لميقاتي، يقيه تبعات عبء التشكيل ومشاكله من جهة، ويعيد الكرة بشكل كامل الى ملعب عون ليكون الوحيد في الميدان الذي سيتحمل مسؤولية عدم وجود حكومة لبنانيّة اشترطها الجميع دولياً كي تكون مدخل الحلول التي يحتاجها لبنان، لا بل هو في امسّ الحاجة اليها. وترى هذه المصادر انه في المضمون، لا يمكن التعويل على هذه الاسماء خصوصاً وانها مدمجة، اي ان قيادات الصف الاول لن تقبل الجلوس الى طاولة القرار الحكومي الى جانب قيادات الصف الثاني (ما خلا حزب الله بطبيعة الحال للاسباب المعروفة)، وهناك سوابق في هذا الاطار كطاولات الحوار التي كان يستضيفها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبعدها تلك التي عقدت على مدى سنوات في قصر بعبدا في عهدي الرئيسين السابق العماد ميشال سليمان والحالي ميشال عون. هذا من ناحية، اما من ناحية ثانية فالمؤشرات التي كانت تعيق قيام مثل هذه الحكومة، لا تزال موجودة وبقوة، فمن سيضمن ان يمارس ميقاتي رئاسته للحكومة في ظلّ وجود قيادات الاحزاب والتيارات فيها؟ ومن سيضمن توافق هؤلاء (الذين لا يزالون يختلفون على اصغر الامور) على المواضيع المندرجة على جدول اعمال المجلس؟ وفي حال الاختلاف، هل سيتم التصويت وعلى اي اساس؟ وما جدوى وجود رئيس الجمهورية على رأس طاولة المجلس في ظلّ غياب صوته في مقابل الاصوات التي ستصدح من كل ميل وصوب؟ وكيف السبيل الى اقناع من يعارضون المشاركة في الحكومة حالياً (على سبيل المثال لا الحصر القوّات اللبنانية والكتائب) للدخول في مثل هذه التشكيلة، اليس من الاسهل اقناعهم في القبول بالمشاركة في الحكومة الّتي يتم الاعداد لها والتفاوض في شأنها لحل المعضلة التي ظهرت اخيراً؟.

ومن العقبات التي تراها المصادر نفسها، كيفية توزيع الحقائب واي قطب سيقبل استلام حقيبة غير وازنة او سيادية من دون ان يعتبر الامر بمثابة انتقاص لدوره ووزنه الشعبي والسياسي؟ لان التمثّل بأشخاص يختلف بشكل كلي عن التمثل بالقيادات.

وعليه، ترى المصادر انه في حال تم اعتماد هذه الصيغة وتقديمها الى رئيس الجمهورية، فستكون من باب "رفع العتب" من قبل ميقاتي، للقول انه قام بما عليه وادّى قسطه للعلى، وقدم تشكيلته التي يراها مناسبة من دون ان تخظى بموافقة وتوقيع عون، وبالتالي لم يعد امامه سوى الاعتذار عن المهمة والعودة الى حياته السياسية العادية والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة.

لا تزال امواج الحكومة تتحطّم على شاطىء التوافق بين عون وميقاتي على الحصص والاسماء، ومع التقاء الكثير من آراء المحللين والمتابعين والعارفين بمسار المفاوضات الجارية في هذا الاطار، فإنّ حكومة الاقطاب تضم "قطبة مخفيّة" هي تطيير الحكومة وخروج ميقاتي وتعقيد الامور على عون الذي لن يجد هذه المرة من يلقي عليه اللوم، وسيكون ظهره للحائط.