أكد وزيرة العمل في حكومة تصريف الاعمال لميا يمين خلال القائها كلمة لبنان في مؤتمر العمل العربي المنعقد في القاهر، أن "لبنان يرفض ان يرزح تحت وطاة ازماته ويعول على اشقائه العرب ليعود إلى لعب دوره في صناعة الحدث"، مشيرة الى أن "ما يقارب نصف اللبنانيين أصبحوا عاطلين عن العمل وأن وزارة العمل تتصدى لهذه الظاهرة بنظام التأمين ضد البطالة وتحصيل حقوق المصروفين من العمل".

وتابعت :"يلتئمُ مؤتمرُنا اليوم في ظلِّ ظروفٍ صعبةٍ تمرُّ بِها دُوَلُنا وبلدانُنا كنتيجةٍ للتداعياتِ الهائلةِ التي تَرَكَتْها جائحةُ كوفيد -19 على مختلف الصُّعدِ الصحيَّةِ والإقتصاديَّةِ والإجتماعيةِ والتربويةِ وفي مختلف المجالاتِ الحياتيةِ فاقَمَها عدمُ الإستقرارِ السياسي والأمني والإقتِصادي والإضطرابات المختلفة المستمرة منذ عقود والتي ما زالت منطقتُنا العربيَّة تعاني منها الى يومنا هذا"، مضيفة :"لقد وَضَعتْنا جائِحَةُ كوفيد 19 دولاً ومنظماتِ مجتمعٍ مدني وهيئاتٍ دولية أمام مسؤولياتٍ تاريخيةٍ تحتِّمُ علينا إحداثَ تغييراتٍ جذريةٍ في أنماط وسلوكيات العيش والإنتاج والإستهلاك وهذا كلُّهُ يستوجِبُ القيام بمبادراتٍ مختلفة خصوصاً في ما يتعلَّقُ بأزْمَةِ البطالةِ وتراجع نِسبِ النموِّ الإقتصادي في العديدِ من بلدانِنا. نأملُ من خلال مؤتَمَرِنا هذا مقاربةَ هذه الأزماتِ والمشكلاتِ التي تعاني منها مجتمعاتُنا واجتراحَ الحلولِ بتضافرِ كلِّ الجهودِ في إطارِ التعاونِ مع منظمةِ العملِ العربية لتَحقيق نتائج إيجابية في كلِّ المجالاتِ المتعلقةِ بالعملِ كقيمة انسانية باعتبارها الهدف من كل أطروحاتِ النموِّ الإقتصاديِّ والتنميةِ في مجالاتِها المختلفة".

ورأت أن |مسؤوليتُنا كحكوماتٍ تكمنُ في اتخاذِ القرارات والتسريعِ في الإجراءات لِتهيئةِ البيئةِ المؤسَّسِيَّةِ والتشريعات وتطوير القوانين وتفعيلُ العمل المشترك بالتعاون مع منظمتي العمل العربية والدولية لا سيَّما تفعيلُ التجارةِ البَينيَّةِ العربية لروّادِ الأعمال والعملُ على تعزيزِ فكرةِ "العناقيد الإقتصادية" لارتباطِها المباشر بِسلاسلِ التوريد ما يزيدُ من قدرةِ الإقتصاداتِ الوطنيَّةِ على إيجادِ وظائفَ في القطاعاتِ كافةً والعملِ على إيجادِ كياناتٍ اقتصاديةٍ عملاقةٍ عربيةٍ تنافسُ في الأسواقِ العالمية وعلى تَيسيرِ التبادلِ التجاريِّ بينَ الدولِ العربية كما على تحريرِ تجارةِ السِّلَعِ والخِدْماتِ العربيَّةِ المنشأ من كافّةِ أشكالِ الضرائبِ والرُّسومِ الجمركية وإنشاءِ البوابةِ العربية للمعرفة في أنشِطَةِ رِيادَة الأعمال تمهيداً لقيام السوق العربية الكبرى".

ولفتت الى أن "لبنانَ يعاني من أزمةٍ اقتصاديةٍ خانقةٍ ومديونيَّةٍ عاليةٍ أدَّتْ الى انهيارِ العملةِ الوطنيةِ وتفاقُمِ الَتضَخُّمِ المالي وفُقدانِ القدرةِ الشرائيةِ للمواطنين واستِفحالِ أزمةِ إمدادات الطاقة التي تُشَكِّلُ عصبَ الحياة.

إضافَةً إلى تداعيات إنفجارُ 4 آب 2020 الذي دمَّرَ مرفأَ بيروت وجزءاً كبيراً من عاصِمَتَنا وأدى الى وضعٍ مأساويٍ وفاجِعَةٍ إنسانيةٍ حقيقيةٍ بكل المقاييس باتَ يعاني منها قسمٌ كبيرٌ من اللبنانيين"، معتبرة أن "هذه الأزمات أدَّتْ الى إنهيارِ الإقتصادِ اللبناني وإقفالِ مِئاتِ المؤسسات وخسارةِ الآلاف لوظائفِهِم وتزايدٍ مخيف لِظاهرةِ البطالةِ التي قاربت ال50% والتي أدَّت إلى إفقار حوالي 60% من الشعب اللبناني وهجرة الآلاف من الشباب والشابات إلى الخارج. من جِهَتنا كوزارة عمل حاوَلنا وما زِلنا القيامَ باجراءاتٍ تخفِّفُ من وَطأةِ الأزمة حيثُ تَمَكَنّا من التدَخُّلِ الإيجابيِّ في العديد من قَضايا الصَّرفِ الجَماعي لصالحِ تأمينِ حقوقِ المصروفين، وكذلك في الرَّقابةِ على حُسنِ تَطبيقِ قانونِ العمل ومندرجاتِه في هذه الظروف العصيبة".

ولفتت الى أن "صعوبة المرحلة التي يمر بها لبنان ودقتها، والمستوى الذي وصلت إليه الحالة الاقتصادية والاجتماعية جعلت من أدوات العمل المتوفرة، من نصوص ونظم، أدوات غير صالحة بالمطلق لمواجهة الأزمة التي لا شك تستدعي إجتراح الحلول من خارج المنظومة القانونية-الاجتماعية القائمة .وقد واجهنا في هذا الإطار خلو المنظومة القانونية لدينا كما المعايير العربية المتوفرة من أدوات معيارية تتيح للحكومات مواجهة مثل هذه الأوضاع أو تضع بين يديها المسارات المشروعة للمعالجة دون المساس بالحقوق على المدى الطويل".

وتابعت يمين :"نتَطَلَّعُ الى أوثقِ أواصرِ التعاونِ مع منظمةِ العمل العربية ونؤكدُ التزامَنا بالتوصياتِ التي سيتمُّ اقرارُها كما نؤكدُ التزامَنا الدائم بكل الإتفاقياتِ التي تَمَّ التوقيعُ عليها في كل المجالات لا سيَّما في مجالِ تشريعاتِ ومَعاييرِ العَمَل وفي مجالِ تعزيزِ دورِ المرأةِ العربية ومكافحةِ كل أَشكالِ التمييز بين الجنسين ومكافحةِ عَمالةِ الأطفال وكذلك في مجالاتِ الصحَّةِ والسلامةِ المهنيَّةِ وأيضاً في مَجالِ التأميناتِ الإجتماعية".

وأضافت :"لا بدَّ مِن مشاطَرَتِكُم أزمات كُبرى تُثقِلُ كاهِلَ لبنان وتَستَدعي العَمَل المشترَك والفوري أعني بها مأساة النازِحينَ السوريين وما يعانون منه إنسانيّاً وإجتماعيّاً وما يُعانيهِ إقتِصادُنا بِتَخطّي أَعدادِهِم ثلث الشّعب اللبناني وقضية اللاجئين الفلسطينيين التي لا تُحَلُّ إلا بتطبيق حق عودتهم إلى بلدهم، ثم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالبلاد والتي كان للعديد من البلدان العربية أيادٍ بيضاء في التخفيف من حدتها واغتنمها فرصة لأشكر جمهورية مصر العربية التي كانت في طليعة دعم لبنان في هذه الأزمنة الصعبة".

ورأت يمين أن "العدوان الإسرائيلي اليَومي على لبنان وخروقاتِهِ لسيادَتِنا البحريَّة والبرّيَة والجويَّة فما زال يُعيقُ خلقَ بيئَةَ عَمَلٍ آمِنة في لبنان عامّةًوفي جَنوبِه بِشكلٍ خاص، وبلدنا يرفضُ أن يرزَح تحتَ وطأة الأزمات الوجوديَّة التي تطالُه ويعوَّلُ على أشقائِه العَرَب ليعودَ إلى سابِقِ إزدِهاره ودورِه الطّليعي في صِناعَةِ الحَداثَة وتَصدير الأمَل وفي الحِفاظ على هويّتِه الحَضاريَّة والإنسانيَّة".