على وقع الحراك الاميركي الأخير بدءاً من الاعلان عن استجرار الغاز المصري لتوليد الطاقة، مرورا ب​سوريا​، وصولاً الى زيارة وفد الكونغرس الى ​لبنان​ فوصول الباخرة الايرانيّة التي تحمل النفط الى لبنان، عاد منسوب التفاؤل بولادة الحكومة ليرتفع... هذه المعطيات تترافق مع كلام لافت للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لنظيره الايراني ابراهيم رئيسي في اشارة الى أوضاع لبنان أكد فيها على ضرورة تعاون ​فرنسا​ و​إيران​ الى جانب ​حزب الله​ في ​تأليف الحكومة​... فماذا عن الموقف الاميركي؟ وما انعكاسات هذا الموضوع على التأليف؟.

"الاميركيون باتوا مقتنعين أن الضغط الاقصى على "حزب الله" لم يؤدّ الى النتيجة المرجوة، وأن دفع لبنان الى الانهيار الشامل عمل فيه مخاطرة كبيرة". هذا ما يؤكده الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزّي، مشيرا عبر "النشرة" الى أن "التراجع في الموقف الاميركي بدأ مع زيارة وفد الكونغرس وصولا الى السماح بكسر قانون قيصر واجراء تعديلات في الكونغرس لاستجرار الغاز والنفط عبر سوريا". بدوره الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر يؤكد أن "العناصر أو التدخلات الخارجية التي كانت تعيق تأليف الحكومة قد زالت تقريباً مع التغيير في الموقف الاميركي الذي بدأ يدفع الى جانب الفرنسي بالاسراع في عملية التأليف".

يلفت منيّر الى أنّ المشكلة حالياً هي داخليّة وتتعلّق حقيقة بحقيبتي الشؤون الاجتماعية والاقتصاد، مشيرا الى أنّ "المشاورات بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة المكلف ​نجيب ميقاتي​ عادت بزخم، ومن يتولى عملية التفاهم وتدوير الزوايا حول الحقيبتين المذكورتين هو المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس ابراهيم​"، مشيرا الى أن "ميقاتي يريد حقيبة الاقتصاد لأنه يريد وزيراً يكون عضواً في اللجنة التي تفاوض صندوق النقد الدولي". في حين أن وسيم بزي يذهب أبعد من ذلك ليشير الى أن "الضغط الاميركي انخفض منسوبه ولكن المؤكد أن الرئيس ميشال عون لن يعطي توقيعه "الذهبي" على حكومة إلا إذا كان يعرف أين سيذهب بما معناه لن يوقع على حكومة لا يملك الثلث "الضامن" فيها".

يعود بزي ليؤكد أن "الاميركي كان المعيق الأول لتشكيل الحكومة وأصل "المصيبة" كانت العقوبات الأميركية التي وضعت على رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، والتي خلطت الاوراق ودفعت بالرئيس عون الى تغيير المسار بدءاً من التواصل مع الرئيس السوري بشار الاسد، وهذه كلها أوراق يعيد فيها الرئيس عون ترتيب ظروف معركته"، مشددا على أنه "بالعقوبات ضربت الولايات المتحدة المبادرة الفرنسيّة، ولكن حاليا مع تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة والقرار الاميركي بالانسحاب من سوريا، وسقوط رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو في اسرائيل، ومعادلة الردع الاخيرة بمزارع شبعا، ومعركة سيف القدس بغزة، ومعركة درعا في سوريا، هذه كلها وقائع تقول إن المنطقة تميل الى محور معيّن ويدرك الرئيس عون ذلك تماماً". في حين أن جوني منيّر يشير الى أن "رئيس الجمهورية يسعى الى الحصول على الثلث المعطّل والجو الخارجي يميل الى الضغط عليه للسير بحكومة لا يكون فيها غلبة لأحد".

إذاً، في ظلّ هذا المشهد الواضح حتى الساعة أنّه ولو خفّ الضغط الاميركي إلا أن الأجواء لا توحي بولادة قريبة للحكومة!.