أكد اوساط سياسية متابعة لـ"الجمهورية" ان ولادة الحكومة تتوقّف على عاملين أساسيين: الأول، ان يوافق رئيس الحكومة المكلّف على الثلث المعطِّل الذي يريده رئيس الجمهورية من دون المجاهرة بذلك. والثاني، ان يتراجع رئيس الجمهورية عن الثلث الذي دفع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى الاعتذار، وقد يدفع ميقاتي إلى الاعتذار ايضاً.

واعتبرت هذه الأوساط ان النتيجة حتى اليوم سلبية، فلا عون في وارد التراجع ولا ميقاتي الذي يلتزم بموقف نادي رؤساء الحكومة السابقين، ما يعني ان الاتجاه يتراوح بين الاعتذار او المراوحة في الفراغ.

واستبعدت الأوساط ان يعتذر ميقاتي قبل ان يتبلور المنحى الذي سيعتمده رؤساء الحكومات في حال الاعتذار، حيث يبدو انه لم ينضج بعد هذا التوجه لجهة مقاطعة الاستشارات ورفع الغطاء عن اي شخصية يمكن ان تكلّف، كما انهم ليسوا في وارد توفير الغطاء لاستشارات يضعها رئيس الجمهورية أمام أمر واقع ويعمد إلى إحراجها فإخراجها.

ورأت الأوساط ان اعتذار ميقاتي يتوقّف على قرار رؤساء الحكومات السابقين الذين يتريثون في اتخاذ قرار المواجهة المفتوحة مع رئيس الجمهورية بنقل المعركة من التكليف إلى إسقاط رئيس الجمهورية، خصوصا ان الأخير يحظى بتأييد حزب الله الذي لن يتخلى عنه، فضلا عن ان التسخين السياسي يخدم عون، كما يؤدي إلى تسريع الانهيار.

ورأت الأوساط ان التلويح بالاعتذار يدخل ضمن سياق الضغوط السياسية على رئيس الجمهورية، كما ان تجميد ميقاتي زياراته للقصر الجمهوري يدخل في الإطار نفسه، وذلك في انتظار ضغوط خارجية تدفع عون إلى إعادة النظر في موقفه، أو انهيارات مُتسارعة وغضب شعبي بسبب رفع الدعم، يدفع رئيس الجمهورية إلى تدوير الزوايا والموافقة على الصيغة النهائية التي أفضت إليها المفاوضات الحكومية.

ولم تستبعد الأوساط ان يكون ميقاتي في موقف انتظار رفع الدعم لكي لا يحمل كرة النار، وان تشكل مراسيم التأليف تنفيساً لاحتقان الناس على أثر رفع الدعم، فيما الإفراج عن البطاقة التمويلية الذي حصل أمس يشكل مدخلاً لرفع الدعم الذي بات أمرا واقعا لم يعد في الإمكان الهروب منه.

واعتبرت الأوساط ان عون والتيار الوطني الحر يواصلان تعميم الأجواء الإيجابية عمداً من أجل رفع مسؤولية الفراغ عن كاهلهما ووضعها في حضن رئيس الحكومة المكلف، ولكنهما يحرصان في الوقت نفسه على عدم استفزاز ميقاتي لكي لا تتحوّل القطيعة مواجهة سياسية على غرار المواجهات المفتوحة مع الحريري، لأن انزلاق الأمور في هذا الاتجاه يعني انعدام فرص التأليف، وانعدام الفرصة هذه المرة لاستشارات جديدة، ما يعني استمرار حكومة تصريف الأعمال وسط غليان شعبي وانهيارات مالية بلا سقوف.