منذ لحظة تكليفه، أعلن رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ عن ضمانات دولية حصل عليها قبل قبول المهمة، إلا أن ذلك لا يمنع أن الرجل، بغض النظر عن كل الدعم الخارجي الذي ظهر لحكومته، بحاجة إلى أن تكون المملكة العربية السعودية راضية عنها، لا سيما أن الفيتو من جانبها كان هو العائق الأساسي أمام رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​.

حتى الساعة، لم يظهر أيّ موقف من المملكة يوحي بأنها مشجّعة أو معترضة، بالرغم من مرور أكثر من 3 أيام على إعلان الحكومة، إلا أنّ ما ينبغي التوقف عنده هو بعض المواقف التي كانت قد صدرت قبل ذلك، أبرزها يعود إلى وزير الخارجية فيصل بن فرحان، الذي كان قد اعتبر أن "إصرار "​حزب الله​" على فرض هيمنته سبب رئيس لمشاكل لبنان"، وحث "السياسيين اللبنانيين على مواجهة سلوك الحزب".

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الأجواء الحالية لا تعكس أيّ تبدل في موقف الرياض، أيّ أنها لا تزال تنتظر ما ستقوم به الحكومة الجديدة من خطوات لتحديد موقفها منها، ما يؤكد الرواية التي كان يقدمها "تيار المستقبل"، طوال الفترة الماضية، عن أن مشكلة السعودية ليست شخصية مع الحريري، بل هي تعود إلى مجموعة من الأسباب المرتطبة بموقف لبنان الرسمي.

على الرغم من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ ما تقدم لا يلغي فرضيّة أن الأمور أمام رئيس الحكومة السابقة كانت ستكون أكثر تعقيداً، بينما ميقاتي يملك القدرة على تدوير الزوايا، الأمر الذي يسمح له بالسعي إلى إعادة فتح الأبواب المغلقة، نظراً إلى أن ما حصل مع الحريري، في العام 2017، لم تعالج كافة ذيوله حتى اليوم.

ولا تستغرب هذه المصادر أن يلجأ رئيس الحكومة الجديد إلى طلب موعد لزيارة المملكة في وقت قريب، خصوصاً أنه عبر، في جميع مواقفه المعلنة، عن رغبته في إعادة وصل ما نقطع على مستوى علاقة لبنان مع الدول العربيّة، وترى أنّ الدعم الواضح الذي يحظى به من قبل العديد من الأفرقاء الإقليميين والدوليين، لا سيما مصر والأردن وفرنسا وأميركا، قد في يساعده في هذا المجال.

في المقابل، لدى بعض الأوساط السياسية قناعة بأن الأمور لن تكون بالسهولة التي يتصورها البعض، حيث ترصد مجموعة من المؤشرات السلبية التي تصب في هذا الاتجاه، تبدأ من إعلان ​وزارة الداخلية السعودية​ عن إحباط عمليّة، كانت تقودها شبكة مرتبطة بتنظيم "حزب الله"، لتهريب كمية ضخمة من المخدرات قبل ساعات من الإعلان عن ولادة الحكومة، ولا تنتهي عند الحملة التي حصلت على مواقع التواصل الإجتماعي، يوم الأحد، التي تدعو إلى مقاطعة الشعب اللبناني.

من وجهة نظر هذه الأوساط، الرسالة الأبرز قد تكون تلك التي وردت في مقالة ضمن صحيفة "​عكاظ​" السعودية، يوم الأحد أيضاً، بعنوان: "أنقذوا لبنان أولاً.. وبعدين نتفاهم"، تطرق فيها الكاتب حمود أبو طالب إلى كلام ميقاتي عن أن "حكومته ستطرق الأبواب العربيّة لمساعدة لبنان لأنه جزء من المكون العربي وسيبقى كذلك"، قائلاً: "أعيدوا لبنان أولاً إلى حضنه العربي، وأنقذوه من سوء المنقلب الذي يريده له حزب الخراب، وعندها لكل حادث حديث".

في قراءة هذه الأوساط، فإنّ ما تضمنته المقالة المذكورة يعني بشكل مباشر أنّ السعودية لا تزال عند موقفها، الذي كان قد أعلن عنه وزير خارجيتها في الماضي، أيّ تحميل "حزب الله" الجزء الأكبر من المسؤوليّة عن الأزمة، بالتزامن مع الدعوة إلى مواجهته قبل التفكير في أيّ أمر آخر، خصوصاً بالنسبة إلى طلب المساعدة منها، الأمر الذي من المفترض أن يمثل تحدياً أساسياً بالنسبة إلى رئيس الحكومة.

في المحصلة، هناك الكثير من المؤشرات الخارجية التي تصب في صالح ميقاتي، لكن تبقى العلاقة مع السعودية هي التحدي الأبرز بالنسبة إليه، لا سيما إذا ما حصلت أحداث قادت إلى إعادة توتير الأجواء من جديد، فهل ينجح في هذه المهمة الصعبة؟.