اشار ​العلامة علي فضل الله​، إلى أن "​لبنان​ دخل اليوم في مرحلة جديدة بعد ولادة الحكومة التي ينتظر منها اللبنانيون أن تفتح لهم أبواب الأمل بمستقبل وطنهم وبقدرتهم على استمرار العيش فيه، وأن تخرجهم مما يعانون منه على الصعيد المعيشي والحياتي وما يواجههم من تحديات على الصعيد الأمني".

وتابع: "نحن ندرك كما يدرك الجميع أن حكومة تأتي في هذه الظروف الصعبة وعمرها محدود قد لا يتجاوز الثمانية أشهر، لن يكون باستطاعتها انتشال الوطن من كل ما يعاني منه، ولكنها بالطبع تستطيع أن تضع حدا للانهيار الذي وصل إليه، وأن تبدأ الخطي للسير في طريق الإصلاح وسد منافذ الفساد والهدر ومعالجة ما يمكن معالجته ضمن أولويات تأخذ بالاعتبار أولويات المواطن لا هذه الجهة أو تلك أو هذا الموقع أو ذاك وأن تقلل الكلام وتكثر العمل".

كما ثمن "الجهود التي بذلت وأدت إلى تأليف هذه الحكومة، لكننا نتساءل مع جميع اللبنانيين عن السبب في هذا التأخير وهل كان ينبغي على اللبنانيين انتظار إشارات الخارج من أجل تسريع هذا الاستحقاق وإزالة كل العقبات التي كانت تعترضه. وكم كنا نقول إنه لا ينبغي أن تمنع هذه العقبات الإسراع في التأليف، ونؤكد أنه كفى إهدارا للوقت فهذا البلد لا يبنى بالغلبة والقهر بل بالتفاهم والتعاون والتوازن".

كما دعا فضل الله الحكومة إلى أن "تكون بمستوى آمال اللبنانيين وطموحاتهم، وأن تبادر إلى معالجة الملفات الملحة التي تضغط على الواقع المعيشي والحياتي للبنانيين والتي ليست خافية على أحد، وأن تجمد في هذه المرحلة كل الملفات التي قد تكون محل تجاذب بين الطوائف والمواقع السياسية، كما ينبغي أن تعالج كل القضايا بروح موضوعية بعيدا مما يوتر العلاقة بين أطرافها أو يؤزم الواقع السياسي في البلد".

وأضاف "إننا نرى أن الحكومة قادرة على القيام بمسؤولياتها وأن تنال ثقة المواطنين إن لم تكرر أخطاء الماضي وخرجت من حساباتها الخاصة ومصالحها الفئوية، وعملت كفريق متجانس متعاون لحساب هذا الوطن ولحساب إنسانه، ونحن نعتقد أن أجواء التوافق الإقليمي والدولي التي أمنت ولادة هذه الحكومة تشكل عنصرا مساعدا لها".

وأوضح أنه "في الوقت الذي ندعو الحكومة إلى القيام بالدور المطلوب منها، إننا ندعو القوى السياسية التي لم تشارك إلى أن تكون داعمة لها وأن تعطيها الفرصة للقيام بواجبها ودورها، ومن حقها بعد ذلك أن تحاسبها إن فشلت أو قصرت، كما ندعو القوى التي تمثلت إلى أن لا تحول الحكومة إلى موقع للتجاذبات والصراعات وتصفية الحسابات والمماحكات والمناكفات أو أن تكون أداة لها تسخرها في حساباتها الانتخابية أو الرئاسية أو أن تستخدم لحساب هذه الطائفة أو تلك أو هذا الفريق أو ذاك".

وأكد أنه "على القوى السياسية أن تثبت من خلال هذه الحكومة أنها أمينة على مصالح اللبنانيين، جميع اللبنانيين، وإنها لن تعود إلى التجارب المرة التي عانى منها هذا البلد ولا يزال يعاني من تداعياتها، وستكون هذه الحكومة مناسبة لها لتصلح ما أفسدته بسببها أو لتعوض عن تقصيرها لعلها بذلك تستعيد ثقة اللبنانيين بها وتنال تأييدهم وأصواتهم".

وعلى صعيد ​البيان الوزاري​ الذي يعمل على إقراره، قال فضل الله: "إننا مع كل اللبنانيين لا نريد من هذه الحكومة بيانا وزاريا فضفاضا أو غير واقعي أو صدى لبرامج جاهزة يراد أن تنفذ من خلاله بل نريد بيانا وزاريا واقعيا يعبر عن آمال اللبنانيين وتطلعاتهم وتعطى على أساسه ثقتهم والذي على أساسه سيحاسبونها".

وشدد على أنه "في هذا الوقت، يترقب اللبنانيون الأسلوب الذي ستتصرف على أساسه الحكومة في المبلغ الذي وصل إليها من ​صندوق النقد الدولي​، وكيف ستتعامل معه هل سيضيع كما ضاعت المليارات الكثيرة سابقا في متاهات سياسة الفساد والهدر؟ أم سيخضع لسلم أولويات ليعالج أهم المشكلات التي يعاني منها البلد. ونحن هنا نطالب أن يكون من أبرز هذه الأولويات إعادة أموال اللبنانيين المودعة في المصارف، والتي إن أعطيت لهم ستساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وفي التخفيف من وقع الأزمة الاقتصادية عليهم ومساعدة الطبقات الأكثر فقرا بعيدا من الاستنسابية والمصالح الخاصة".

وأمل أن "تستطيع هذه الحكومة أن تعيد الحرارة والدماء إلى شرايين العلاقة بين لبنان ومحيطه العربي والإسلامي، وفق الآلية التي تعيد التوازن إلى هذه العلاقة من موقع رعاية مصالح الجميع، ولتتسع دائرة المبادرات التي تساعد لبنان على الخروج من أزماته في وقت أحوج ما نكون إليها. وهنا لا بد من أن نثمن عاليا المبادرات التي تخفف من معاناة اللبنانيين ولا سيما المبادرة الطيبة التي قدمت من ​الجمهورية الإسلامية الإيرانية​ والتي تمثلت في السفن التي أرسلتها لمساعدة اللبنانيين، وتلك التي جاءت من ​العراق​ الشقيق، أو التي تعمل على صعيد استجرار الكهرباء من ​الأردن​ عبر ​سوريا​ والغاز من ​مصر​، وأن تكون ​القاعدة​ التي تحكم اللبنانيين هي الشكر لكل من يقف إلى جانب هذا البلد في أزماته وأن لا تخضع لأي حسابات طائفية أو مذهبية أو سياسية ما دام الذي يقدمها لا يخضعها لهذه الحسابات".