لفت نائب الأمين العام لـ"​حزب الله​" الشيخ ​نعيم قاسم​، إلى أنّ "حزب الله ينطلق من قواعد ومبادئ، يحافظ فيها على الوطن وسيادته وحرّيّته واستقلاله وكرامته وعزّه، وهذه القواعد ثابتة. وعندما نواجه تحدّيات، نضع خططًا عمليّةً ونصبر على التحدّيات، أي لا نتصرّف بردّة فعل". وتوجّه إلى من يراهن على وضع "حزب الله"، قائلًا: "الحزب كقيادة وبيئة وحالة عمليّة ومقاومة وسياسة، مرتاح بأنّه يقوم بما عليه. هناك صعوبات وتعقيدات، ولكنّنا لسنا قلقين".

وعمّا إذا كان "حزب الله" مأزومًا اليوم، أوضح في حديث تلفزيوني، أنّ "لدينا حلفاء وهؤلاء لديهم مناصرين، ورأيهم من رأي قيادتهم، كـ"التيار الوطني الحر" و"تيار المردة" وغيرهما، ولدينا شخصيّات وازنة حليفة لنا وفي كلّ البيئات لدينا حضور، على الأقل على مستوى الحلفاء. الكثر من الآخرين تراجعت قوّتهم ومكانتهم، أمّا رصيد الحزب فجيّد ومهمّ جدًّا". وذكر أنّ "في الحراك الشعبي، مرّت حالة من اختلاط المفاهيم والأفكار وحالة إرباك في الساحة، ولكن عندما استعادت السّاحة نشاطها، عادت الأمور إلى شكلها الطبيعي"، متسائلًا: "أين هو هذا الحضور الشعبي الآن؟".

وأكّد الشيخ قاسم "أنّنا مطمئنّون أنّ هناك ثقة كبيرة بحضورنا من مختلف الفئات الموجودة في ​لبنان​"، مبيّنًا "أنّني لا أريد أن أردّ على رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ أو جماعته، وفـ"شغتلهم" أن يتكلّموا عنّا كي تسمعهم الناس". ورأى أنّ "مشكلة معارضي "حزب الله" معه، أنّه توفّق أن يكون مقاومة، وفي الوقت نفسه له دور سياسي، يحيط بيئته الاجتماعيّة بالتكافل الاجتماعي والطبابة ومحاولة العمل معًا لمصالحهم؛ أي أنّهقدم نموذجًا في ​المقاومة​ ونجح في العملين الاجتماعي والسياسي. النجاحات الموجودة داخل البيئة الحزبيّة ولبنان بشكل عام "داوخة" الآخرين".

وركّز على أنّ "قبل المقاومة، كان لبنان يُسمّى لبنان الضعيف والكل "يسحسح له". وبعد المقاومة وحلفائها، أصبح يُسمّى لبنان القوي. هناك أشخاص لا يريدون لبنان القوي، لأنّ بذلك لا مكان مؤثّرًا لهم في ساحته"، موضحًا أنّ "من يذلّ اللبنانيّين في الدخل هم بعض الفاسدين والقوى السياسيّة الّتي تعمل على تطييف كلّ شيء، وأخذ مكتسبات على حساب الوطن.عدم وجود خطط اقتصاديّة والفساد والسياسة الماليّة الخاطئة و​العقوبات الأميركية​، هي الّتي أوصلت البلاد إلى هذا الحال".

وشدّد قاسم على أنّ "لبنان كان ضعيفًا وأصبح قويًّا عندما بزغ فجر "حزب الله" ومقاومته. كانوا يلعبون به في الواقعين الدولي والإقليمي، وبعد المقاومة أصبح محترمًا، وليقل لنا من يتفلسف، ماذا قدّم هو للبنان؟". وجزم أنّ "​المازوت​ الإيراني الّذي مرّ عبر ​سوريا​، بواسطة "حزب الله"، كسر أهمّ حصار على لبنان منذ تاريخه القديم حتّى الآن، وهو الحصار الأميركي الّذي كان يجوّع اللبنانيّين ويحاول أن يمارس ضغوطات لإحداث مشلكة داخليّة بين الحزب وباقي الأفرقاء".

وأشار إلى أنّ "عندما قرّر "حزب الله" استقدام المازوت الإيراني، أحدث انفراجةً داخل البلد لم تكن موجودة سابقًا. هذا المازوت استجلب قرارًا أميركيًّا بالموافقة على استجرار الغاز المصري عبر سوريا، والطاقة الكهربائية عبر الأردن. فبعد كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد ​حسن نصرالله​ في عاشوراء، عندما أعلن انطلاق البواخر الإيرانيّة، قالت السفيرة الأميركية في بيروت ​دوروثي شيا​، في اليوم التالي، إنّ الغاز المصري سيمرّ عبر سوريا، وسيحصل على استثناء من قانون قيصر".

كما كشف أنّ "رئيس الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز عندما زار لبنان، التقى السفيرة شيا وقال لها "أنت شرشحتينا"، فتوقيت كلامك بعد كلام السيد نصرالله، أظهر أوّلًا وكأنّ نصرالله جرّك إلى ردّة فعل، وثانيًا أنّنا محاصِرين". وأكّد أنّ "الإرباك الّذي حصل لدى الأميركيّين وهرولتهم لإيجاد حلول، من نتائج المازوت الإيراني. هذا الأخير سيسدّ بعض الحاجة اللبنانيّة، ويضبط إمكانيّة السوق السوداء بنسبة من النسب، وسيتنافس الآخرون لإدخال مازوت إلى لبنان".

وأفاد قاسم بـ"أنّنا وصّينا على 4 بواخر محروقات إيرانيّة، وصلت منها 2. الباخرة الثالثة ستحمل مادّة البنزين أمّا الرابعة فستكون باخرة مازوت. بعدها، سنقرأ المعطيات على الساحة، وإذا تحسّن الوضع وتحرّكت الشركات ومصرف لبنان لتأمين حاجة البلد من المحروقات، يكون هدفنا المتمثّل بتوفير المازوت للناس قد تحقّق. أمّا إذا حصل العكس، فسنستمرّ بإدخال المحروقات إلى لبنان". وركّز على أنّ "المفاوضات النووية بحسب توجيهات الإمام السيد علي الخامنئي، هي نوويّة فقط وليس هناك أي مواضيع أخرى تناقش فيها. ولم يحصل أي تفاوض لا من قريب ولا من بعيد بموضوع المازوت أو أي موضوع آخر".

وعن اعتبار البعض أنّ إدخال "حزب الله" المازوت الإيراني هو انتهاك للسيادة اللبنانية، تساءل: "كيف تدخل المساعدات الأميركيّة والأوربيّة إلى الجمعيّات غير الحكوميّة والجهات المختلفة؟ هل تمر عبر الحكومة وتوافق عليها؟ أليس هذا خرقًا للسيادة؟"، مبيّنًا "أنّنا مَن نعمل للسّيادة، وكنّا ننقذ الشعب اللبناني من بعض حاجاته، ونفكّ عنه الحصار، وهذا له أولويّة على أي شيء آخر، ونقول للّذين يتساءلون عن السّيادة "يروحوا يخَيطوابغيرهالمسلّة".

وتعليقًا على موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الّذي قال إنّه حزين بسبب دخول المازوت الإيراني إلى لبنان، ذكر قاسم أنّ "حزن ميقاتي انتهى، ولو كنت مكانه لفرحت، لأنّ هناك أشخاصًا شرفاء في البلد وقفوا بوجه الولايات المتحدة الأميركية، وقالوا إنّ شعبنا لا يجب أن يجوع". وجزم أنّ "المازوت الإيراني هو مازوت وطني، عابر للطوائف والمناطق، والسيد نصرالله قال إنّنا حاضرون لإعطاء كلّ من يريد"، كاشفًا أنّ "الكميّة الّتي طلبها التجّار اللبنانيّون وصلت إلى نحو 25 مليون ليتر حتّى الآن".

وعمّا إذا كان لبنان تحت الوصاية الإيرانيّة، فسّر أنّ "مساحة كل لبنان تعادل مساحة مدينة في إيران، والأخيرة ليست بحاجة إلى لبنان ولا أطماع لديها فيه. نحن اللبنانيّون نصارع العدو الإسرائيلي، وإيران تساعدنا. نحن متقاطعون بالسياسة مع إيران، ونعتبر أنّ الولي الفقيه هو قائدنا، لكن إيران لا تقوم بخطط للبنان، وهي تساعده ونحن حلفاء لها وتدعمنا على رأس السطح".

إلى ذلك، أعلن "أنّنا عملنا ليلًا نهارًا لكي تتشكّل الحكومة، ونحن نعمل لمصلحة لبنان". ورأى أنّ "هذه الحكومة عبارة عن إنجاز يضعنا على طريق الإنجاز. الحكومة بذاتها جيّدة، وهناك مناخ داخلي ودولي مؤيّد لها، ويجب أن تتمكّن أن تقلع وتعمل، رغم أنّ الفرصة الزمنيّة قليلة"، لافتًا إلى أنّ "هذه الحكومة قادرة على العمل والنجاح في 5 مواضيع أقلّه: متابعة المشاريع الحيويّة الأساسيّة كالكهرباء، لجم ارتفاع أسعار الدولار وتصحيح ومعالجة تدهور الأجور، ضرورة تأمين مقوّمات النهوض الاقتصادي، تنفيذ البطاقة التمويلية وتوفير الخدمات الاجتماعيّة المصاحبة لها؛ وتوفير آليّة لتأمين البنزين والمازوت".

وشرح نائب الأمين العام لـ"حزب الله"، أنّ "كلّ هذا يجب أن يكون مصاحبًا للاستمرار بالتدقيق الجنائي، ومواجهة الفساد قدر الإمكان"، موضحًا أنّ "لا مانع من النقاش مع "صندوق النقد الدولي للوصول إلى قناعات مشتركة حول ما يمكن القيام به في لبنان، لكنّنا لا نقبل وصفةً جاهزةً. على الحكومة القيام بخطّة إنقاذ بأسرع وقت، وأتمنّى أن تأخذ خطّة التعافي الّتي قامت بها حكومة حسان دياب، وأن تبني عليها، وتقدّمها إلى الدول الكبرى والجهات المانحة". وأفاد بأنّ "حكومة ميقاتي تشكّلت بمعزل عن موقف من السعودية".

وأشار إلى "أنّنا ننتظر تحقيقات الجيش اللبناني بموضوع نيترات الأمونيوم المضبوطة في البقاع، ولم نعتد أن نطلق أحكامًا من دون التأكّد من الوقائع. لكن في الحدّ الأدنى، هناك مشكلة أنّ هكذا نوعًا من النيترات لا يجب أن يدخل إلى البلد من دون دفع جمارك".

كما أكّد أنّ "الحكومة اللبنانية هي المسؤولة عن متابعة أيّ إشكال بموضوع ترسيم الحدود البحريّة، وهي الّتي تحدّد الخطأ من الصحّ والاعتداء من عدمه. نحن ننتظر موقف الحكومة وإجراءاتها، وعندما يصل دورنا نقوم بواجبنا في وقتها". وبيّن أنّ "الإسرائيلي منشغل بواقعه الداخلي، وليس قادرًا أن يكوّن قدرةً كافيةً لخوض حرب مضمونة ضدّ لبنان. ولو كان يستطيع الآن القيام بحرب، لكان فعل ذلك، لكن هناك قوّة ردع"، معلنًا أنّ "هناك قرارًا لدى "حزب الله" بأنّه سيردّ على أيّ اعتداء إسرائيلي على لبنان، حتّى لو جر إلى حرب سنواجه الحرب، ولكنّنا لا نتوقّع أن يحدث شيء جدّي ضدّ لبنان".

وشدّد قاسم على "أنّنا مع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. ومنذ حوالي 8 أشهر، لدينا فريق عمل كان يقوم بكلّ الاستعدادات اللوجستيّة المتعلّقة باللوائح الانتخابية وتوزيع الدوائر والقرى، ووضع آليّات متعلّقة بإدارة الانتخابات بالقرى والمناطق"، لافتًا إلى أنّ "لدينا هيكليّة، ونحن نعمل على أساسها وكلّ تحضيراتنا باتت جاهزة بالنسبة للانتخابات المقبلة".