أعدّ الفريق القانوني الخاص بالوزيرين السابقين ​علي حسن خليل​ و​غازي زعيتر​ أكثر من دعوى بحق المحقق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ القاضي ​طارق البيطار​، لكنه لم يقدّم ولو دعوى واحدة من منها أمام ​محكمة التمييز الجزائية​ أو محكمة الإستئناف كما فعل الوزيران السابقان ​يوسف فنيانوس​ و​نهاد المشنوق​.

لماذا لم يقدّم نائبا ​حركة أمل​ هذه الدعاوى ضد البيطار على رغم أنهما من أشد وأشرس من واجهه من السياسيين في الإعلام وعبر مؤتمرات صحافية خُصّصت لمهاجمة إدعاءاته؟ هل صرفا النظر عنها بما أن فنيانوس والمشنوق كانا سبّاقَين في المواجهة القضائية مع المحقق العدلي، أم أنهما قررا تأجيل خطوتهما الى توقيت قضائي أكثر حساسية؟.

مصادر متابعة للملف كشفت لـ"النشرة" أن قرار عدم تقديم الدعاوى ضد البيطار في هذه المرحلة متخذ من النائبين زعيتر وحسن خليل منذ اللحظة التي طلبا فيها من فريقهما القانوني إعدادها لماذا؟ لعدم حرقها مع دعوى الردّ التي قدمها المشنوق الى محكمة الإستئناف والتي أدت الى تعليق البيطار تحقيقاته بمجرد أن تبلّغها ظهر الإثنين. وفي شرح مفصل لهذه الخطوة يقول مصدر قانوني بارز، "لو قدما دعوى رد القاضي البيطار أمام محكمة الإستئناف بالتزامن مع تقديم دعوى المشنوق، كنا سنذهب الى السيناريو التالي: تنظر محكمة الإستئناف بالدعاوى الثلاثة دفعة واحدة، تتلقى ردود البيطار عليها خلال أيام معدودة، ومن بعدها تنكب على دراستها لتصدر قرارها النهائي بها وأيضاً دفعة واحدة، كل ذلك خلال مهلة غير محددة قانوناً وتتراوح بين عشرين يوماً وشهر تقريباً، أما وقد قرر النائبان عدم تقديم دعوى رد البيطار راهناً، فهذا يعني أنهما قررا أن يكسبا المزيد من الوقت قبل الوصول الى 19 تشرين الأول المقبل تاريخ بدء الدورة العادية ل​مجلس النواب​، بعد ذلك التاريخ سيصبح المحقق العدلي بحاجة الى إذن مجلس النواب لملاحقتهما، علماً أن في القانون إجتهاد يقول إن المحقق العدلي، وحتى لو دخلنا العقد العادي لمجلس النواب لن يكون بحاجة الى إذن لملاحقة زعيتر وحسن خليل على إعتبار أنه حدد مواعيد جلسات إستجوابهما عندما كان المجلس النيابي خارج دورة الإنعقاد العادية والإستثنائية".

أمام الوقع الحالي، أي بعد تقديم المشنوق دعوى الرد بحق البيطار، توقف الأخير عن تحقيقاته ولم يعد هناك من داعٍ لكف يده بدعوى رد ثانية وثالثة، لذلك فإذا كفت محكمة الإستئناف يده عن الملف، يكون المشنوق قد أنهى مشواره في ملف تحقيقات ​جريمة المرفأ​ وأراح زعيتر وحسن خليل من ملاحقاته ومن أن يتقدما بدعاوى ضده، وإذا لم تكف محكمة الإستئناف يده، عندها سيتقدم زعيتر وحسن خليل دعوى الرد بحقه وسيتوقف عن السير بالتحقيقات للمرة الثانية، ما سيجعله غير قادر على ملاحقتهما إلا بعد صدور قرار عن محكمة الإستئناف والأمر سيحتاج الى أسابيع إضافية من المماطلة والتسويف والتأجيل.

أسوأ ما في الأمر أن الوزراء السابقين يستعملون حقهم القانوني للتهرب من الملاحقة، ولكن في أبشع جريمة عرفها ​لبنان​ في تاريخه علماً أن مثولهم أمام البيطار لا يعني أبداً توقيفهم، لأنه قد يستمع اليهم ويتركهم إذا رأى أنهم غير متورطين، ولكن بمجرد تهرّبهم من المثول أمامه بهذه الطريقة، سيتأكد الرأي العام أكثر فأكثر من ضلوعهم عن قصد أو عن غير قصد بجريمة العصر.