رأى رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، أنّ "لا أحد في المنظومة السياسيّة الحاكمة يريد بناء دولة حقيقيّة، فالأحزاب والميليشيات وأمراء الحرب والطوائف، الّتي قبّلت لحى بعضها في الطائف وما بعد الطائف، تعمل منذ العام 2005 على استهداف وترويع القضاء لتطويعه، ونجحت في العام 2016، بوضع حجر الأساس لدولة المزرعة، الّتي غيّرت وجه لبنان وحطّمت ركائزه، وحوّلته بالتالي إلى بقعة جغرافيّة تحكمها عصابات ال​سياسة​، قوامها الفساد والمحاصصة الحزبيّة والمذهبيّة، والتسلّح خارج نطاق الشرعية، والالتحاق بركب الاصطفافات الإقليميّة والدوليّة".

ولفت، في حديث إلى صحيفة "الأنباء" الكويتيّة، إلى أنّ "إحدى أبرز المهام الموكلة إلى السلطات الحزبيّة الحاكمة، هي أوّلًا ضرب القضاء في لبنان، بهدف التفلّت من الحساب والعقاب نتيجة ما ارتكبته أياديها من جرائم فساد وإفساد، ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أنّ الضربة القاتلة الّتي تلقّاها الجسم القضائي أتت من رأس الهرم، بعد أن ضرب عرض الحائط بالإجراءات المعتمَدة أصولًا في التشكيلات القضائية، وأقفل درجه على اللائحة المقدّمة من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، ناهيك عن إبقاء مجلس القضاء الأعلى في سدّة الغياب والتغييب، ما يعني على سبيل المثال، انّه في حال تمّ ردّ القاضي العدلي طارق البيطار عن ملف انفجار مرفأ بيروت، لن يكون هناك أي إمكانيّة لتنفيذ المرسوم بتعيين بديل عنه، وذلك بسبب انتهاء ولاية المجلس الأعلى للقضاء، الّذي لا بدّ من مصادقته على اسم المحقّق العدلي الجديد لكي يصبح المرسوم نافذًا؛ "يعني طار التحقيق".

وأشار صادر إلى أنّ "عصابات السياسة في لبنان، نجحت بالتكافل والتضامن وتحت حجج وأسباب واهية، في إقصاء القاضي فادي صوان عن متابعة التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت، وتسعى اليوم متسلّحةً بالحجج نفسها، إضافةً إلى حجّة وجود عداوة، لردّ القاضي البيطار عن الملف، وإبعاد شبح الكشف عن حقيقة علمهم بوجود نيترات الموت في العنبر رقم 12".

وأكّد أنّ "المسار واحد لكل المنظومة السياسية الحاكمة، الا وهو ضرب العدل والعدالة في لبنان، وعدم السماح لأي كان بالوصول إلى حقيقة ما حصل في مرفأ بيروت، بدءا بموقف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي فتح باب التآمر على التحقيق العدلي، من خلال رفع اصبعه واتهامه المحقق البيطار بالاستنسابية وتسييس التحقيق، مرورا بالموقف المخزي لمجلس النواب في موضوع رفع الحصانات، وصولا الى تهديد القاضي البيطار من قبل مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا، بعد ان اقتحم قصر العدل "على عينك" يا قوى أمنية، هذا ناهيك عن اختلاق النائب نهاد المشنوق لعداوة وهمية مع القاضي البيطار، كذريعة قانونية لرده عن الملف".

وركّز على أنّه "بغض النظر عن إشكالية انتهاء ولاية المجلس الأعلى للقضاء، إلا انه في حال تم رد القاضي البيطار عن ملف انفجار مرفأ بيروت، سيكون التحقيق العدلي في ظل تهديدات حزب الله الموثقة، وفي ظل التآمر السياسي على الحقيقة، أمام طريقين لا ثالث لهما، إما استحالة إيجاد قاض نزيه من خامة صوان والبيطار، يقبل بتسلم الملف، وإما تعيين قاض مستزلم، تكون مهمته إقفال الملف وإرساله إلى المحفوظات".