محكمة الإستئناف التي لجأ اليها الوزراء السابقون ​نهاد المشنوق​ و​غازي زعيتر​ و​علي حسن خليل​ طالبين رد المحقق العدلي في جريمة ​انفجار المرفأ​ القاضي ​طارق البيطار​ ليست صاحبة الإختصاص للبت بطلب كهذا!.

الكلام ليس لأحد أهالي ضحايا إنفجار الرابع من آب ولا لناشط على وسائل التواصل الإجتماعي أحبّ أن يدعم القاضي البيطار، ولا حتى لأيّ محام أو مرجع قانوني. الكلام هو لمحكمة الإستئناف نفسها في بيروت، بالأمس واليوم وغداً.

نعم قالت المحكمة كلمتها على هذا الصعيد وأقرّت بقرار واضح ومعلل من 19 صفحة بعدم صلاحيتها في ردّ المحقق العدلي وقد صدر هذا القرار في الأول من آب من العام 2007، يومها كان القاضي الياس عيد محققاً عدلياً في جريمة إغتيال رئيس الحكومة الأسبق ​رفيق الحريري​، وكانت الغرفة العاشرة في محكمة الإستئناف برئاسة القاضي ​سامي منصور​ وعضوية القاضيتين المستشارتين ميرنا بيضا وكارلا قسيس.

واليوم قالت المحكمة نفسها برئاسة القاضي نسيب ايليا وعضوية المستشارتين مريام شمس الدين وروزين حجيلي كلمتها أيضاً، وردت دعاوى زعيتر والمشنوق وحسن خليل ضدّ القاضي طارق البيطار لعدم الإختصاص أيضاً. وغداً فيما لو لجأ أحدهم الى المحكمة عينها لردّ أيّ محقّق عدلي آخر سيكون القرار مماثلاً.

لماذا جاء قرار محكمة الإستئناف عام 2021 برئاسة القاضي نسيب ايليا مطابقاً لقرار محكمة الإستئناف برئاسة القاضي سامي منصور عام 2007؟ الجواب لأنّ القوانين والإجتهادات لا تجعل من محكمة الإستئناف صاحبة إختصاص بالبتّ بهكذا طلب، والدليل الواضح والمعلّل موجود بشكل مفصّل في القرار الشهير الصادر عام 2007 والذي تنشر "النشرة" نسخة عنه. قرار أكّد في الفقرة الأولى من الصفحة الـ18 منه ان "المشترع لو أراد إعطاء محكمة الإستئناف صلاحيّة ردّ المحقّق العدلي لأورد نصاً صريحاً بذلك، كما فعل في المادة 52 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة أو في ردّ الأشخاص الذين يتولون خدمة عامة كالمحكّم والخبير". ويجزم قرار محكمة الإستئناف، "بحيث لا نص يولي محكمة الإستئناف إختصاص النظر في طلب الردّ أو نص يحيل الى النصوص المتعلقة بطلب الردّ، لا إختصاص ولا توسع على حساب النصوص والقواعد". قرار إستندت اليه بالتأكيد محكمة الإستئناف كي ترفض كفّ يدّ القاضي البيطار.

أمام هذا الواقع سيعاود القاضي العدلي تحقيقاته بدءًا من الثلثاء وسيتم التركيز في المرحلة المقبلة على كيفيّة تبليغ النواب الثلاثة بمواعيد جلسات إستجوابهم أمامه بعدما رفض وزير الداخلية ​بسام المولوي​ تنفيذ التبليغات عبر قوى الأمن الداخلي. وفي هذا السياق تتردّد معلومات في العدليّة مفادها أنّ الوزراء الثلاثة قد يتقدّموا عبر وكلائهم القانونيين بدعاوى نقل الشكوى من القاضي البيطار الى قاض آخر أمام محكمة التمييز الجزائيّة للإرتياب المشروع كما فعل الوزير السابق ​يوسف فنيانوس​، ولكن لا بُدّ من التذكير بأنّ أيّ دعوى كالّتي قدمها فنيانوس لن توقف عمل البيطار إلاّ إذا طلبت منه محكمة التمييز الجزائيّة برئاسة القاضية رندا كفوري ذلك أو إذا قبلت هذه الأخيرة أيّ دعوى من الدعاوى المُقامة أمامها.