يُتوقَّع أَن يُؤدّي ملء سدّ النّهضة الإِثيوبيّ، مِن دون اتّفاقٍ، إِلى أَضرارٍ جسيمةٍ على مصر والسُّودان... وبعد نحو 10 سنوات مِن المُفاوضات غير المُجدية بَيْن القاهرة والخُرطوم وأَديس أَبابا مِن أَجل التوصُّل إِلى اتّفاقٍ ثُلاثيّ عادلٍ ومُلزمٍ في شأن ملء "سدّ النّهضة" الإِثيوبيّ وتشغيله، وصلت الأُمور إِلى طريقٍ مسدودٍ. وبعدما أَخطرت إِثيوبيا رسميًّا كُلًّا مِن مِصر والسُّودان على التّوالي ببدء عمليّة ملءٍ ثانٍ للسدّ بالمياه، فإِنّ السُؤال الّذي يطرح نفسه بقوّةٍ: ما الآثار السّلبيّة المُتوقّع حدوثها على كُلٍّ مِن مصر والسّودان؟...

وتدارُكًا للأَسوإِ... بادرَت تونس بتوزيع مشروع قرارٍ في شأن سدّ النّهضة، على مجلس الأَمن الدّوليّ، أَكّد أَنّ "مخاوف مصر مُبرّرةٌ"... ولكن مع اكتمال الملء الثّاني، يُصبح إِجماليّ المياه المُخزّنة في السدّ حوالي 18،5 مليار متر مُكعب، مع احتمال فقدان حوالي 3 مليارات مترٍ مكعبٍ أُخرى نتيجة التبخُّر والتسرُّب في الفراغات والتشقُّقات، وفقًا لخُبراء في الموارد المائيّة، فيما رجّح بعض المُراقبين "أن تتمّ التّعلية بحوالَي 15 مترًا فقط بدلًا مِن 30 مترًا، وبسعةٍ تخزينيّةٍ تصل إِلى 7 مليارات مترٍ مكعبٍ، بدلًا مِن 13،5 مليار متر مكعب.

الخطر الدّاهم

ومع تلاشي المُبادرة التّونسيّة لحلّ "أَزمة سدّ النّهضة"، بقي الخطر الجديّ داهمًا، في حين إِنّ "الأَضرار المُتوقَّعة على السُّودان من ملء السدّ، وبحسب معلوماتٍ لمصادر رسميّةٍ وخُبراء في مجال المياه والسّدود، فهذه هي الأَضرار الّتي يُمكن أَن يُلحِقها سدّ النّهضة الإِثيوبيّ بالسُّودان:

إِذا انهار سدّ النّهضة، فسيَختفي معه مُعظم السُّدود والمُدن والقُرى السّودانيّة... مع الأخذ في الاعتبار، أَنّ نحو 50 أَلف فدّانٍ، مِن أَصل 100 أَلفٍ، تعتمد على الريّ الفيضيّ، وتقع غالبيّتها في ولايات نهر النّيل، والنّيل الأَزرق و"سنار"، وبالتّالي فهي ستتأثَّر سلبًا في شكلٍ مُباشرٍ بعد اكتمال السدّ.

وكذلك فثمّة تهديدٌ لِما يُقدّر بنحو 20 مليون نسمة في 3 مواسم زراعيّةٍ بعد اكتمال السدّ.

إِلى ذلك، ثمّة انخفاضٌ لمنسوب المياه في نهر النّيل الأَزرق، ما سيُحوّل الريّ بالرّاحة إِلى الريّ بالرّفع بتكاليفه العالية، وبخاصّةٍ مع نقص الكهرباء والموادّ البتروليّة في البلاد.

ويُضاف إلى ذلك كلّه، حجز الطّمي أَمام السدّ، ما سيحرم السُّودان مِن المُغذّي الطّبيعيّ لأَراضيه وبالتّالي يتطلّب ذلك استخدام الأَسمدة الصّناعيّة، سواء بالاستيراد أَو بالتّصنيع، وتاليًا يتطلّب الأَمر كميّاتٍ مِن الكهرباء أَكبر مِن الّتي يُمكن الحُصول عليها مِن سدّ النّهضة.

ومِن التّأثيرات السّلبيّة أَيضًا حجز الطّمي أَمام سدّ النّهضة ما سيوقف صناعة الطّوب الأَحمر.

إِنّ بُحَيْرة سدّ النّهضة ستغمُر غابات شجريّة ما يُمثّل خطرًا بيئيًّا على الثّروة السّمكيّة...

ومِن ثمّ فأَيّ نقصٍ في تدفُّق النّيل الأَزرق ستكون تبعاته خطرةً على السّودان لعدم توافر سُدودٍ تخزينيّةٍ كبيرةٍ، تستطيع بها التّعويض عن هذا العجز المُتوقَّع.

وكذلك يُضاف إِلى كُلّ هذه الأضرار... ما يتأتّى من انخفاض منسوب المياه الجَوْفيّة... وما يزيد من تكاليف رفعها... إِضافةً إِلى نقصٍ في كميّات المياه الجوفيّة المُتاحة...

إِنّ احتمال انخفاض كميّات المياه الواردة مِن النّيل الأَزرق، خلال الفترة المُمتدّة مِن نَيْسان حتّى نهاية أَيلول مِن كُلّ عامٍ، والتّأثير المُباشر مِن هذا يتمثّل في قلّة المياه الواردة إِلى محطّات مياه الشّرب.

وأَمّا ملء سدّ النّهضة فيُؤثّر في قطاع نهر النّيل الأَبيض بَيْن منطقتَيْ الجبلَيْن في جنوب السُّودان إِلى جبل أَولياء جنوب العاصمة الخرطوم، ما يُؤدّي إِلى تقليص مساحات الجروف والمراعي، بسبب عدم التّفريغ الكامل لبُحيرة سدّ جبل أَولياء.

وبذلك، ستقلّ كميّات المياه في قطاع نهر النّيل الرّئيسيّ، مِن الخُرطوم إِلى مدينة "عطبرة" شمال العاصمة، كما وتنخفض المناسيب في شكلٍ واضحٍ. وللحديث صلة...