عندما قرر حزب الله استيراد المحروقات من إيران عبر سوريا الى لبنان، كان يريد إعلان بدء المواجهة المباشرة مع ​الولايات المتحدة الأميركية​، بعد أن استمرت مواجهته مع حلفاء أميركا لسنوات، ويبدو بحسب تصريحات المسؤولين في الحزب أن المواجهة مستمرة.

يقول رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد ​هاشم صفي الدين​ أن "الاميركيين يؤثّرون في لبنان أمنياً وسياسياً ومالياً واقتصادياً، وهم أقوياء في ​الدولة اللبنانية​، ولديهم الكثير داخلها، وحتى الآن لم نخض معركة إخراج الولايات المتحدة الأميركية من أجهزة الدولة، ولكن إذا جاء اليوم المناسب وخضنا هذه المعركة، فسيشاهد اللبنانيون شيئاً آخر". فما الذي يعنيه هذا الكلام؟.

تُشير مصادر سياسية مطّلعة الى أن حزب الله عندما قرر مواجهة الاميركيين بشكل مباشر كان قد وضع خريطة طريق لهذه المواجهة، وهي تبدأ بالمحروقات ولكنها لا تنتهي معها، مشددة على أن المواجهة مستمرة وهي خاضعة لجدول زمني أيضاً، وبالتالي ما قاله السيد صفي الدين هو جزء من خطة حزب الله لمواجهة الأميركيين.

تؤكد المصادر أن القرار بالتصدي المباشر للأميركيين ووجودهم في لبنان، والمنطقة اتّخذ يوم اغتيال ​قاسم سليماني​، مشيرة إلى أن الاميركيين لن يتمكنوا من استكمال مشاريعهم في البلد وكأن المنطقة لم تتغير، وعليهم بنهاية المطاف أن يستسلموا للحقيقة والواقع بأنهم خسروا ولا يمكنهم منع الفريق المنتصر من استثمار انتصاره.

"لم يعلن السيد صفي الدين الحرب على الأميركيين ووجودهم وحلفائهم في لبنان"، تقول المصادر، مشيرة إلى أن كلام المسؤول في حزب الله يُصرف بالسياسة، ولا شيء غيره، فحزب الله ليس بوارد فتح معارك عسكرية مع أحد في لبنان، وهو لم يكن يوماً بهذا الوارد.

إن كل هذا التصعيد يعني بشكل واضح أن لبنان مستمر بكونه ساحة للمواجهة بين المحورين المتصارعين، فموقف حزب الله "جاء بعد التدخل الأميركي بالتحقيق في ​انفجار مرفأ بيروت​، حيث صدرت مواقف أميركية مؤيدة للقاضي العدلي ​طارق البيطار​ في سابقة قضائية، تضره ولا تنفعه، إذ يعتبر حزب الله بشكل واضح أن الأميركيين يتدخلون ب​التحقيقات​ ويهدفون لتلفيق التهم من مركز ​السفارة الأميركية​ في عوكر، ولكن ملفّ التحقيقات لن يكون ساحة المواجهة الوحيدة.

ترى المصادر أنّ وتيرة المواجهة بين حزب الله والأميركيين سترتفع مع اقتراب ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة المفترض حصولها في شهر آذار المقبل، حيث أنها ستشكل معركة من المعارك الأساسية بينهما، فالأميركي لن ولم يخفِ اهتمامه بخوض المعركة بشكل مباشر هذه المرة، عبر دعم شخصيّات سيّاسية تعمل تحت عنوان "المجتمع المدني" ولكنها سياسية بامتياز قريبة من قوى 14 آذار سابقاً، ومنها من كانوا بصلب هذه القوى، بهدف تغيير موازين القوى داخل المجلس النيابي، الأمر الذي سيسعى حزب الله لإفشاله.

تستمر المواجهة بين حزب الله والأميركيين بأشكال مختلفة، ففي حين كانت منذ أشهر معركة اقتصاديّة بحتة، ها هي اليوم تدخل مرحلة جديدة من التصعيد بعد كلام صفي الدين، فهل تكون هذه المرحلة أقسى من سابقاتها؟!.