قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية المقبلة، المقررة في شهر أيار المقبل، استفاقت القوى السياسية على تقديم أو تحريك مجموعة من التعديلات التي تراها ضرورية على القانون النافذ، بعد أن تجاهلت الأمر على مدى السنوات الماضية، في مؤشر على أنها لا تريد في الأصل تطبيقها.

البحث في أي أمر يتعلق بقانون الانتخاب، يجب أن ينطلق من فرضيّة أنّ غالبيّة تلك القوى لا تريد حصولها في موعدها، بل هي تفضل تأجيلها بسبب الواقع الذي تمرّ فيه البلاد، الأمر الذي ينعكس على واقعها الشعبي، إلا أنّها من الناحية العمليّة تصطدم بقرار دولي صارم في هذا المجال، بات التعبير عنه يتمّ بشكل شبه يومي.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن البداية كانت من خلال فتح ملف تصويت المغتربين، الذي يدرك الجميع حساسيته، حيث بات من الواضح أن هناك من يريد حرمانهم هذا الحق، خوفاً من تأثيرهم في المعادلة السياسية، خصوصاً أن معدلات الهجرة كانت قد ارتفعت، في السنوات الماضية، بشكل كبير، نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، وبالتالي هناك قناعة عند القوى السياسية أن هؤلاء يريدون "الانتقام" في صناديق الاقتراع.

بالنسبة إلى هذه المصادر، البحث الأساسي في هذه النقطة لن يبدأ قبل إقفال باب التسجيل أمام المغتربين للمشاركة في هذا الاستحقاق، نظراً إلى أنّ القوى السياسية تريد أن تعرف مسبقاً أعداد هؤلاء، وتؤكد أنه في حال كانت كبيرة فإنهم لن يمنحوا هذا الحق، خوفاً من تأثيرهم العملي في الاستحقاق، بينما في حال لم تكن كبيرة فإنّ حجم الاعتراضات سيتراجع نسبياً، الأمر الذي يعني تجاوز هذا الاشكال الذي بدأ في التصاعد.

بالتزامن، تعتبر المصادر نفسها أن اقتراح تقريب موعد الانتخابات إلى شهر آذار يصب في الاتجاه نفسه، نظراً إلى أنّه يرتبط بموضوع تجميد لوائح الشطب التي تحول دون مشاركة أعداد إضافيّة من الفئة الشابّة في هذا الاستحقاق، خصوصاً أن هذه الفئة كانت عماد التحركات الشعبية التي رفعت لواء التغيير في الفترة الماضية، وبالتالي ليس من مصلحة القوى السياسية الذهاب إلى تأمين مشاركتها.

على الرغم من قناعة المصادر النيابية المطلعة بأنّ كل ما يطرح على هذا الصعيد لن يبدّل من حتميّة الذهاب إلى إجراء الانتخابات النّيابية في موعدها، إلا أنّها ترى ما يحصل يعبر عمّا تطمح إليه القوى السياسية في الوقت الراهن، وهو السعي بأيّ وسيلة إلى محاولة تأجيل أو تطيير هذا الاستحقاق بأي ثمن، رغم قناعتها بأن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل إلا بناء على حدث أمني كبير مستبعد في المرحلة الراهنة.

إنطلاقاً من ذلك، تقرأ المصادر نفسها مسارعة القوى السياسية إلى تقديم بعض الاقتراحات، التي تعتبر ضروريّة وإصلاحيّة، مثل اعتماد الكوتا النسائية أو خفض سن الاقتراع، رغم معرفة الجميع بأنّها غير جادّة في الوصول إلى إقرارها، بدليل عدم حماستها إلى طرحها سابقاً، وترى أنّ الهدف منها اليوم هو المساومة عليها أو العراضات الاعلاميّة لا أكثر.

في المحصّلة، تعرب هذه المصادر عن خشيتها من سعي القوى السّياسية، من وراء هذه الطروحات، إلى افتعال أزمة طائفيّة في البلاد حول بعضها، لا سيما أن هناك من بدأ يربط عملياً بين خفض سن الاقتراع وتصويت المغتربين، وتعتبر أنّ هذا الأمر قد يكون من الأسباب التي قد تدفع إلى تأجيل الاستحقاق، في حال وجدت تلك القوى مصلحة لها في ذلك.