لفتت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، كلودين عون، خلال مؤتمر افتراضي للإتحاد من أجل المتوسط حول "الاقتصاد الأزرق"، إلى أن "الأزمة الاقتصادية والمالية التي نعيشها، تحتم علينا في لبنان الاستفادة من كافة الفرص المتاحة لتطوير اقتصادنا، وفتح مجالات العمل أمام شبابنا وشاباتنا، وعلى الرغم من أن شواطئنا البحرية تمتد على طول 220 كلم، يأتي على رأس المجالات الاقتصادية التي لا يزال الاستثمار فيها ضعيفاً في بلادنا، مجال ما بات يعرف " بالاقتصاد الأزرق" الذي يتناول كافة النشاطات الاقتصادية المرتبطة بالمحيطات والبحار والسواحل".

وأوضحت، أن "هذه النشاطات تغطي كما هو معلوم قطاعات اقتصادية متنوعة ومتعددة تشمل القطاعات الإنتاجية والخدماتية، وتوليد الطاقة وقد ظهر مفهوم "الاقتصاد الأزرق أولاً كمقاربة تُبرز ضرورة العمل بمبادئ التنمية المستدامة في استثمار موارد البحار والسواحل".

وأشارت عون، إلى "أننا نذكر بأن من أهداف التنمية المستدامة المعتمدة عالمياً لغاية العام 2030، حماية المناطق والنظم الإيكولوجية البحرية والشاطئية من خلال خفض التلوث البحري وتحمّض المحيطات والصيد الجائر".

واعتبرت أنه "واضح أن الاستثمار في الموارد البحرية والساحلية في لبنان يتطلب أولاً احترام شرط حماية بيئتها، لا سيما الحرص على عدم تلوث مياه الشواطئ بمياه الصرف الصحي وتنظيم تشييد الأبنية على السواحل، بهذا الشرط الأساسي يمكن أن ننطلق في لبنان بورشة إنمائية تتناول قطاعات "الاقتصاد الأزرق"، من تطوير قطاع صيد الأسماك وتربيتها إلى قطاع الصناعات الغذائية للمنتوجات البحرية وتسويقها إلى نشاطات السياحة الساحلية والنقل البحري وتطوير الأعمال المرفئية".

ورأت عون أن "الشواطئ اللبنانية تستضيف 44 ميناء صغيراً للصيد ومع ذلك نستورد معظم ما نستهلكه من الأسماك من الخارج ونظراً لارتفاع كلفته لا يشكل هذا المصدر الهام للغذاء سوى جزء بسيط من طعام المستهلك في لبنان. إلى ذلك فإن عالم صيد الأسماك والملاحة، عالم البحر بكلام آخر، هو عالم رجال، إذ نادراً ما نرى فيه نشاطاً للنساء".

وأوضحت أن "الأمر يعود إلى الأساليب التقليدية الرائجة للعمل في مجاله البحر، وهي أساليب تعتمد في معظمها على استخدام القوة البدنية، كما يعود إلى تعميم صورة نمطية تستهجن عمل النساء في هذا النطاق وتحرمهن بالتالي من الاستفادة من نشاطات اقتصادية قابلة للتطوير والنمو السريع".

وأشارت عون، إلى أن : "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية تعمل منذ إنشائها في العام 1998 إثر مشاركة لبنان في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة الذي انعقد في بيكين في أيلول 1995، على اعتماد سياسات مشجعة وداعمة لمشاركة النساء أسوة بالرجال في كافة النشاطات في المجتمع. تنطلق الهيئة في ذلك من مبدأ المساواة بين الجنسين ومن احترام حقوق الإنسان. وترى الهيئة أن تعزيز دور المرأة في المجتمع ومساواتها بالرجل، وهي الأهداف التي أنشئت من أجل تحقيقها، تستتبع النظر إلى المرأة على أنها مواطنة كما أن الرجل هو مواطن تعود إليها الحقوق التي تعود له وتتوجب عليها الواجبات التي تتوجب عليه".

واعلنت أن "الهيئة الوطنية ضمّنت استراتيجية المرأة في لبنان، التي أقرتها الحكومة اللبنانية لغاية العام 2021، تدخلات رمت إلى توفير كافة الحقوق للنساء وتأمين كافة الخدمات لهن كما رمت إلى تشجيعهن ودعمهن للمشاركة في كافة النشاطات في المجتمع ومنها النشاطات السياسية والاقتصادية وبالطبع النشاطات المرتبطة بالحفاظ على البيئة وحمايتها. لذا تعير الهيئة اهتماماً كبيراً لكل المبادرات التي من شأنها تعزيز القدرات الشخصية للنساء وتطوير إمكاناتهن بغية تمكينهن من الاتكال على أنفسهن في مواجهة متطلبات الحياة. وتعمل الهيئة باستمرار على دحض الصورة النمطية للمرأة التي تصورها ككائن ضعيف وتبعدها عن الخوض في بعض المجالات متل العمل في النشاطات البحرية.كما تعمل الهيئة على دعم النشاط الاقتصادي للمرأة في كافة القطاعات وكافة المجالات، تشجعها على زيادة الأعمال، وتعمل على تحسين شروط عملها المأجور".

ولفتت عون إلى أنه "على نطاق آخر، تعمل الهيئة على تصحيح النصوص التشريعية التي لا تزال مجحفة بحقوق المرأة، وتطالب بحق اللبنانية بنقل جنسيتها إلى أولادها إذا كانت متأهلة من غير لبناني، وبمنع تزويج القاصرات، وبتمديد إجازة الأمومة إلى عشرة أسابيع، وباستحداث إجازة أبوة وإجازة لمرض الأولاد، وبتضمين قانون الانتخابات النيابية كوتا نسائية، وبفرض مشاركة نسائية في ثلث مقاعد مجالس الإدارة في الشركات المساهمة. وقدمت الهيئة في هذه المواضيع نصوصاً تعديلية للقوانين المرعية الإجراء وتسعى إلى حمل المشترع إلى اعتمادها".

وأوضحت أن "البرلمان قج تجاوب، قبل بضعة أشهر، مع مطلبها بتجريم التحرش الجنسي، وهي ظاهرة تثني العديد من النساء عن العمل خارج المنزل، كما وافق على عدة إجراءات تعديلية على قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، من شأنها تعزيز تدابير حماية المرأة المعنفة. وتتعاون الهيئة في مبادراتها ونشاطاتها مع الوزارات والإدارات الرسمية ومع منظمات المجتمع المدني والمنظمات والهيئات الدولية".

واعتبرت عون أن "موضوع لقائنا اليوم حول المهارات، وفرص العمل المتاحة للنساء في " الاقتصاد الأزرق" يدخل ضمن اهتمامات الهيئة الوطنية التي لا توفر جهداً في المساهمة بأية مبادرة من شأنها تطوير قدرات النساء لتمكينهن من المشاركة بفعالية أكبر في الحياة الاقتصادية. كذلك تشجع الهيئة كل المبادرات التي من شأنها إيجاد شبكات علاقات داعمة للنساء اللواتي تقدمن على العمل في مجالات جديدة يقّل فيها عادة تواجد الإناث. أشكركم على الآفاق الاقتصادية الجديدة التي تفتحونها أمام المرأة".

وختمت: "أود هنا أن أتوجه بالشكر إلى كل من الاتحاد من أجل المتوسط ووكالة التعاون السويدية للتنمية الدولية، على مبادرتهما إلى تنظيم هذا اللقاء الذي يلقي الضوء على قطاع اقتصادي مدعو إلى التطور والنمو وإلى خلق فرص عمل، نحن في أمس الحاجة إليها، للنساء كما للرجال. وأحيي في هذه المناسبة السيدات الرائدات المشاركات معنا واللواتي كنّ من أوائل من أقدمن على العمل في المجالات الخاصة باستثمار الموارد البحرية. إن "الاقتصاد الأزرق" هو مجال واعد ولنا آمال كبيرة بأن يصبح قريباً مجالاً اقتصادياً مزدهراً تنشط فيه النساء كما الرجال".