لا يستطيع أي فريق أن يحدّد الآن حلفاءه في الإنتخابات النيابية المقبلة. لا يتعلق الأمر بالعامل الزمني، حيث يفصلنا قرابة ستة أشهر عن الإستحقاق، ولا بالمبادئ أو الثوابت السياسية، بقدر ما له علاقة بقدرات القوى التي ترسم طبيعة التحالفات الانتخابية، خصوصاً ان التموضعات السياسية تداخلت في الآونة الأخيرة على أنقاض حلفي "٨ و ١٤ آذار".

بدأت القوى والشخصيات بإستطلاعات آراء الناخبين عبر مكاتب الإحصاء. لا يمكن القول ان الوقت لا يزال مبكراً. اساساً، في حال علمت القوى بأوزانها التقريبية شعبياً، فهي تستطيع ان تستنفر او تحدّد مسار خطابها وتوجهاتها قبل ستة اشهر من الاستحقاق. تقدر تلك القوى والشخصيات على رسم معالم توجهاتها امام الجمهور.

ستكون ​الانتخابات النيابية​ المقبلة مختلفة عن سابقاتها، اولاً: انها المحطة الأولى بعد حراك ١٧ تشرين عام ٢٠١٩.

ثانياً: تحل الانتخابات في عز مرحلة القحط الاقتصادي الذي يصيب ​الدولة اللبنانية​ بكل اقسامها، المؤسسات الرسمية والخاصة، والشعب بكل فئاته.

ثالثاً: فقدت العملة الوطنية ​الليرة​ قيمتها امام ​الدولار​، مما يضرّ بكل طبقات اللبنانيين المرهقين معيشياً، وبسبب ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية.

رابعاً: ان غياب ​التيار الكهربائي​ رمى اللبنانيين في سجن اصحاب المولدات الخاصة: كلفة اشتراك ١٠ امبير تفوق راتب موظف أو عامل.

خامساً: خسر اللبنانيون اموالهم في ​المصارف​، مما يعني ان اكثر ٨٠٠ الف عائلة ساخطة على مسؤولي ​القطاع المصرفي​، وعلم السياسيين اللبنانيين.

سادساً: ارتفاع كلفة الحياة، وصرخة اللبنانيين نتيجة قرار ​رفع الدعم​ المالي الذي ادى الى ارتفاع اسعار ​الدواء​ والمحروقات.

سابعاً: نشاط منظمات ​المجتمع المدني​ المدعومة من عواصم خارجية، بشكل مكثّف ولافت.

امام تلك الوقائع، تخطو القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مسارات حدّدتها نتائج دراسات احصائية علمية اولية في مختلف الدوائر الانتخابية: اظهرت دراسات اجراها مركز الاستشراف الاقليمي للمعلومات أن هناك سخطاً واضحاً عند المواطنين على معظم القوى السياسية، فهل يستفيد المجتمع المدني من قلق الناس وسخطهم على السياسيين؟

اذا كانت المسافة الزمنية قريبة نسبياً لإتمام الاستحقاق الانتخابي، الا ان اطلاع القوى والشخصيات السياسية و"الثورية" على نقاط قوتها وضعفها الشعبي حالياً، سيفتح لها الباب لتصحيح ارقامها الانتخابية عبر توجيه الخطاب بما يتناسب مع طريقها نحو البرلمان.

يوجد خلط للأوراق في تحالفات القوى السياسية التي بات بعضها يدفع بأكثر من حصان طروادة من اجل التسلل الى اجسام قوى "المجتمع المدني". وعليه، فإن جوجلة التحالفات بدأ يجري البحث بشأنها: فهل تحصل مفاجآت؟ فلنرصد الايام المقبلة، وللبحث صلة.