دخل مريض قلب الى احدى المستشفيات فلزمه تغيير صمام وتركيب بطارية للقلب وحين جاء وقت خروجه من المستشفى عند اقفال الحساب تبين أنّ فارق الضمان 160 مليون ليرة! فحلّت هذه الفاتورة كالكارثة على العائلة، ففكر المريض بترك عمله وبيع قطعة ارض لتغطية تكاليف استشفائه. هنا تدخل قريبه مقترحا القيام بحملة تبرعات له عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولحسن الحظ أنّ"ابناء الحلال"كُثُر في الداخل والخارج فتدبّر المبلغ!.

ننطلق من هذه الحادثة التي وردتنا وشهدنا على تفاصيلها، كي نوصّف الوضع البائس الذي وصلنا اليه، هل يعقل ان "يستعطي" المريض ليغطّي فقط "فروقات" علاجه من استشفاء وأدوية؟هل يجوز ان تصبح الطبابة في لبنان حكرا على الاغنياء فقط؟ ألا يستدعي الامر ان تبادر الحكومة والوزراء المعنيين لإيجاد حلول؟!هل صحيح أنّ مجموع ما تدفعه الجهات الضامنة للمستشفيات لا يغطي سوى تكلفة المحروقات السنوية؟لماذا لا تدفع الدولة ما عليها للضمان الاجتماعي ليتمكنمن القيام بواجباته بشكل افضل ويخفف عن كاهل المواطن؟. هل يجوز ألاّ ترتفع تعرفة الاستشفاء والاطباء والادوية عند الضمان الاجتماعي، ويترك المريض ليواجه هذه المبالغ الضخمة في هذه الظروف الصعبة، خصوصا بعد رفع الدعم عن 2500 من أصنافالدواء بينها 1000 هي في لوائح الضمان الاجتماعي الّذي لا يزال ضرورة لـ35 الى 40% من الشعب اللبناني، وسترتفع هذه النسبة مع السنوات المقبلة. وبالمناسبة هناك حديث اليوم بين المستشفيات وشركات التأمين الخاصة للتسعير بالدولار؟!ماذا سيحلّ عندها بمريض الضمان وسائر الجهات الضامنة؟ما هو موقف الضمان الاجتماعي من هذا الموضوع؟.

حملنا هذه الاسئلة الى مدير عام الضمان الاجتماعي د.محمد كركي الذي استغرب هذا التوجه لإصدار الفواتير بالدولار الاميركي وقال انه يسمع هذا الامر عبر الاعلام،ولم يتبلغ رسميا اي شيء متسائلا من يمكنه الدفع بالعملة الصعبة؟فالضمان يدفع بالليرة اللبنانية وغالبية المرضى المضمونين يتقاضون اجورهم بالعملة الوطنيّة، محذرا عبر "النشرة" من كارثة استشفائيّة اجتماعيّة مقبلة،ودعا الحكومة لمعالجة هذا الامر في اسرع وقت لأن الوضع لم يعد يحتمل!.

د.كركي أكّد ان المراجعات والشكاوى ترد يوميا ونحاول ضبط التجاوزات ونتخذ اجراءات، وبالمناسبة نحن نراقب احدى المستشفيات الكبرى لتصحّح خطأ ارتكبته،واذا لم تفعل في الاسبوع المقبل سنلجأ الى فسخ العقد معها، نحن لا يمكننا ألاّ نقف الى جانب المريض بحق لا يمكن ان نكون شهود زور في هذه الازمة،كل يوم نسمع عن مرضى يبيعون البيت او الارض، يتركون عملهم ليسحبوا تعويضهم وهذا الوضع لا يجوز ان يستمر!.

وتابع كركي مطلقا صرخته عبر" النشرة"أنّه يتفهّم المستشفيات والاطباء،"وقد بحثنا رفع التعرفة عند الجهات الضامنة 70% الى 100% للمستشفيات و100%لمعاينات الاطباء مع الحكومة السابقة والوزراء المعنيين ومع الجهات الضامنة، واتفقنا على ذلك، ورفعنا التوصية الى مجلس ادارة الضمان لكنه لم يتلقّفها ويتخذ قرارا بعد، مع العلم ان الجيش وقوى الامن والتعاونية سبقوناوباشروا بتطبيق الزيادة على التعرفات. أمّا فيما يتعلق بالتمويل فقد اقترحنا زيادة الاشتراكات 5 نقاط:نقطتان على الدولة ونقطتان على اصحاب العمل وواحدة على الأجيركما ان هناك العديد من الافكار لتأمين التمويل المطلوب.

وطالب كركي الحكومة الجديدة ان تدفع 350 مليار المرصودة للضمان الاجتماعي في الموازنة عن العام 2021، لنتمكن من القيام بواجباتنافندفع للمستشفيات ونرفع التعرفة، لاننا لن نلجأ الى فرعنهاية الخدمة لتغطية فرع المرض والامومة،كاشفا أنه زار وزير المالية الجديد ووعده خيرا.

ولفت مدير عام الضمان الى مسألة هامة جدا هي ضرورة تفعيل المستشفيات الحكوميّة وتجهيزها وتأمين رواتب كادرها الاداري والطبي، لأن هناك 50 الى 70% من المضمونين ليس في مقدورهم تحمل فواتير المستشفيات الخاصة، من هنا نرفع الصوت لتضع الحكومة الجديدة في اولى اولوياتها موضوع الاستشفاء في لبنان،حيث لا يمكن ان نكمل بهذا الوضع، كما يجب ان تتأمن كل الادوية والمستلزمات الطبية لأن هذه الازمة تطال الغني والفقير، فماذا يفعل الأوّل ان مرض ابنه والدواء غير متوفّر. وخلص كركي بدعوة المسؤولين لاتخاذ الاجراءات اللازمة قبل ان يهاجر مكرها من بقي في لبنان.